للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(٢٥) باب الوضوء من لحوم الإبل]

٩٧ - (٣٦٠) حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ فُضَيْلُ بْنُ حُسَيْنٍ الجَحْدَرِىُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَوْهبٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِى ثَوْرٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ؛ أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَأَتَوَضَّأُ مِنْ لحُومِ الغَنَمِ؟ قَالَ: " إِنْ شِئْتَ، فَتَوَضَّأْ، وَإِنْ شِئْتَ، فَلا تَوَضَّأْ ". قَالَ: أَتَوَضَّأْ مِنْ لحُومِ الإِبِلِ؟ قَالَ: " نَعَمْ. فَتَوَضَّأْ مِنْ لحُومِ الإِبِلِ ". قَالَ: أُصَلِى فِى مَرَابِضِ الغَنَمِ؟ قَالَ: " نَعَمْ ". قَالَ: أُصَلِى فِى مَبَارِكِ الإِبِلِ؟ قَالَ: " لا ".

ــ

وتخييره فى الوضوء من لحوم الغنم وأمرُه بالوضوء من لحوم الإبل فى حديث جابر ابن سمُرة، ذكره مسلم يُبيّن هذا، إذ هو فى لحوم الإبل آكد فى الاستحباب والتنظيف، لقوة رائحتها وكثرة زهومتها، وإلى أنَّ ذلك غير واجب على من أكلها ذهب عامَّةُ أهل العلم، وذهب أحمد بن حنبل وعامة أصحاب الحديث إلى وجوب الوضوء من أكل لحوم الإبل (١) ولم يذكر البخارى باب الوضوء من لحوم الإبل لاضطرابه (٢)، وإباحته الصلاة فى مرابض الغنم فى هذا الحديث ومنعها فى مبارك الإبل أيضاً، يدل على ما تقدم، وأنه ليس لمعنى يختص به إِلا الزَّهُومَةُ، وزفر الرائحة، وإلا فالعلماء بين قائلين بنجاسة أثقالهما وأبوالهما، وهو مذهب أبى حنيفة والشافعى، أو طهارة ذلك معاً منهما، وهو مذهب مالك (٣)، وليس أحدٌ يفرق بينَهما، فلم يبق إِلا التعليل بما قلناه، أو لشدة نفار الإبل، أو لما جاء أنهم كانوا يستترون بها عند الحاجة، أو لما جاء أنها من الشياطين، وهذا كله مما يجب للمُصلى أن يجتنبه لئلا يصيبه ما هناك من أذى، أو تقطع الصلاة عليه [بشدَّة نفارها] (٤) ويتعلق قلبه لذلك مخافة أن تطأه وتهلكه، أو لتجنب الصلاة مواضع الأقذار


(١) وممن قال بقول أحمد هذا فى لحم الإبل خاصة إسحاق بن راهويه، وأبو ثور، ويحيى بن يحيى النيسابورى، وأبو خيثمة. التمهيد ٣/ ٣٥١.
(٢) فالحديثان فيه صحيحان، حديث البراء وحديث جابر بن سمرة. أما حديث البراء فأخرجه أبو بكر بن أبى شيبة من حديث الأعمش عن البراء بن عازب قال: سئل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الوضوء من لحوم الإبل؟ فقال: " توضؤوا منها "، وبعد أن ذكر ابن عبد البر من قال بهذا الحديث من الأئمة مع الإمام أحمد قال: وأما قول مالك والشافعى وأبى حنيفة، والثورى، والليث والأوزاعى فكلهم لا يرون فى شىء مسته النار وضوءًا على من أكله، سواء عندهم لحم الإبل فى ذلك وغير الإبل؛ لأن فى الأحاديث الثابتة أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أكل خبزاً، ولحماً، وأكل كتفاً، ونحو هذا كثير، ولم يخص لحم جزور من غيره، وصلى ولم يتوضأ، وهذا ناسخ رافع عندهم. التمهيد ٣/ ٣٥١.
(٣) بدائع الصنائع ١/ ٢٦١، والمنتقى ١/ ٤٣.
(٤) فى ت: شدة نفورها.

<<  <  ج: ص:  >  >>