للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(٧) باب الدخان]

٣٩ - (٢٧٩٨) حدّثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِى الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ عَبْدِ الله جُلُوسًا، وَهُوَ مُضْطَجِعٌ بَيْنَنَا. فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، إِنَّ قَاصًّا عِنْدَ أَبْوَابِ كِنْدَةَ يَقُصُّ وَيَزْعُمُ أَنَّ آيَةَ الدُّخَانِ تَجِىءُ فَتَأخُذُ بِأَنْفَاسِ الْكُفَّارِ، وَيَأخذُ الْمُؤْمَنِينَ مِنْهُ كهَيْئَةِ الزُّكَامِ. فَقَالَ عَبْدُ الله - وَجَلَسَ وَهُوَ غَضْبَانُ -: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، اتَّقُوا الله، مَنْ عَلِمَ مِنْكُمْ شَيْئًّا، فَلْيَقُلْ بِمَا يَعْلَمُ، وَمَنْ لَمْ يَعْلَمْ، فَلْيَقُلِ: الله أَعْلَمُ، فَإنَّهُ أَعْلَمُ لأَحَدِكُمْ أَنْ يَقُولَ لِمَا لاَ يَعْلَمُ: الله أَعْلَمُ، فَإِنَّ الله عَزَّ وَجَلَّ قَالَ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {قُلْ مَا أَسأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ} (١) إِنَّ رَسُولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا رَأَى مِنَ النَّاسِ إِدْبَارًا. فَقَالَ: " اللهُمَّ، سَبْعٌ كَسَبْعِ يُوسُفَ " قَالَ فَأَخَذَتْهُمْ سَنَةٌ حَصَّتْ كُلَّ شَىْءٍ، حَتَّى أَكَلُوا الْجُلُودَ وَالْمَيْتَةَ مِنَ الْجُوعِ، وَيَنْظُرُ إِلَى السَّمَاءِ أَحَدُهُمْ فَيَرَى كَهَيْئَةِ الدُّخَانِ. فَأَتَاهُ أَبُو سُفْيَانَ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّكَ جِئْتَ تَأمُرُ بِطَاعَةِ الله وَبِصِلَةِ الرَّحِمِ، وَإِنَّ قَوْمَكَ قَدْ هَلَكُوا، فَادْعُ الله لَهُمْ. قَالَ الله عَزَّ وَجَلَّ: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ. يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ} إِلَى قَوْلِهِ: {إِنَّكُمْ عَائِدُونَ} (٢).

قَالَ: أَفَيُكْشَفُ عَذَابُ الآخِرَة؟ {يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنتَقِمُونَ} (٣). فَالْبَطشَةُ يَوْمَ بَدْرٍ. وَقَدْ مَضَتْ آيَةُ الدُّخَانِ، وَالْبَطْشَةُ، وَاللِّزَامُ، وآيَةُ الرُّومِ.

ــ

وقوله: فلما رأى من الناس إدباراً قال: " اللهم سبع كسبع يوسف " فأخذتهم سنة: السنة: الشدة والجدب، كما قال في الحديث الآخر: " فأصابهم قحط وجهد "، قال الله تعالى: {وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ} (٤).

وقوله: " حصَّت كل شىء ": أى استأصلته. والحص: الحلق؛ ولذلك تسمى أيضاً الحالقة.


(١) ص: ٨٦.
(٢) الدخان: ١٠ - ١٥.
(٣) الدخان: ١٦.
(٤) الأعراف: ١٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>