للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٤٥) باب قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إنما الأعمال بالنية " وأنه يدخل فيه الغزو وغيره من الأعمال

١٥٥ - (١٩٠٧) حدَّثنا عَبْدُ الله بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ، وَإِنَّمَا لاِمْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ، فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ. وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيبُهَا أَوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ ".

(...) حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحِ بْنِ الْمُهَاجِرِ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ. ح وَحَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ

ــ

وقوله: " إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى " (١) الحديث: ذكر الأئمة أن هذا الحديث ثلث الإسلام، وقيل: ربعه، وأن أصول الدين وعمدة من عمل الطاعات، ومفسر لقوله تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} (٢). قال بعض شيوخنا: قوله: " إنما الأعمال بالنيات " يرجع إلى معنيين: أحدهما: تجريد العمل من الشرك بالله بخالص التوحيد، والآخر: تجريده بخالص السنة.

وفى قوله: " إنما الأعمال بالنيات، وإنما لامرئ ما نوى " دليل أن ما عمل بغير نية غير جائز ولا لازم، وإنما يلزم منه ويصح ما قارفته. ورد على من أجاز الطهارة وغيرها من بعض القرب بغير نية (٣)، وقد مرّ فى موضعه، ودليل أن من توضأ ليعلم أو يتعلم أو ليتبرد لا ينوى بذلك رفع الحدث والتقرب أنه لا يجزيه.

ودليل أن المعتبر فى الأيمان وألفاظ الطلاق والعتاق وغيرها النية دون اللفظ. لكن اختلف العلماء فى هذا الأصل خلافاً كثيراً، فعندنا أنه يلزم ما نوى به الطلاق والعتاق كان من ألفاظ الطلاق والعتاق أو كناياتها. واختلف عندنا إذا نطق بذلك ولم ينو به طلاقاً ولا عتاقاً، هل يلزم أم لا؟ وإذا نوى ولم ينطق أو إذا نطق بلفظ ليس من ألفاظ الطلاق وكناياته، وعند غيرنا أنه لا يلزم إلا فى ألفاظ الطلاق أو كناياته، وذلك كان فيما بينه


(١) حديث رقم (١٥٥) بلفظ: " بالنية "، ورواية البخارى: " بالنيات "، ك بدء الوحى ١/ ٢.
(٢) البينة: ٥.
(٣) وهم الأحناف؛ إذ يرون أنه تجور الطهارة بغير نية. تقدم الكلام عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>