للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(١٥) باب بيان خصال من اتصف بهنّ وجد حلاوة الإيمان

٦٧ - (٤٣) حدّثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبِى عُمَرَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَارٍ، جَمِيعاً عَنِ الثَّقَفِىِّ. قَالَ ابْنُ أَبِى عُمَرَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِى قِلابَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ بِهنَّ حَلاوَةَ الإِيمَانِ؛ مَنْ كَانَ اللهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لا يُحِبُّهُ إِلَّا للهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِى الْكُفْرِ بَعْدَ أَنْ أَنْقَذَهُ اللهُ مِنْهُ، كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِى النَّارِ ".

٦٨ - (...) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ، قَالا: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَة قَال: سَمِعْتُ قَتَادَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَنَس، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَد طَعْمَ الإِيمَانَ؛ مَنْ كَانَ يُحِبُّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلا للهِ، ومَن كَانَ اللهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَمَنْ كَانَ أَنْ يُلْقَى فِى النَّار أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يَرْجِعَ فِى الْكُفْرِ بَعْدَ أَنْ أَنْقَذَهُ اللهُ مِنْه ".

ــ

وقوله: " ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان " الحديث، هو بمعنى الحديث المتقدم: " ذاق طعم الإيمان "، وذلك أنه لا تتضح محبة الله ورسوله حقيقة، والحبُ للغير فى الله وكراهة الرجوع إلى الكفر، إلا لمن قوى [بالإيمان يقينه] (١)، واطمأنت به نفسه، وانشرح له صدره، وخالط دمه ولحمه، وهذا هو الذى وجد حلاوته.

والحب فى الله من ثمرات الحب لله.

ومعنى حب العبد لله: استقامتهِ فى طاعته، والتزامه أوامره ونواهيه فى كل شىء ولهذا قال بعضهم: المحبةُ مواطأة القلب على ما يُرضى الرب، فيحبُ ما أحب ويكره ما كره.

واختلفت عبارات المتكلمين فى هذا الباب بما لا يؤول إلى اختلاف إلا من حيث اللفظ والالتفات إلى أسباب المحبة أو إلى ثمراتها، وبالجملة [فأصل] (٢) المحبة الميلُ لما يوافق المحبَّ والله - جل اسمه - منزَّة عن أن يميل أو يمال إليه (٣)، وأما المحبةُ للرسول فيصح منه الميل؛ إذ ميل الإنسان لما يوافقه إما لأنه يستلذه ويستحسنه كميله للصورة الجميلة


(١) فى الأصل: الإيمان فى يقينه، والمثبت من ت.
(٢) من ق.
(٣) قال الأبى: والذى يتنزه الله - سبحانه - عنه إنما هو الميل إليه فى الحس لإشعاره بالجهة والمكان، وليست المحبة فى الحس، وإنما هى ميل القلب، وميل القلب إلى الشىء إيثاره له، ولا يمتنع أن يتعلق ذلك به تعالى كما يتعلق به العلمُ الآن والرؤية فى الآخرة ١٠/ ١٤٣.
ثم إن الطاعة ثمرة المحبة، ولا يفسر الشىء بثمرته، قال السنوسى: وما سلكه القاضى هو مذهب إمام الحرمين، وما سلكه الأبى هو مختار المقترح. السابق ومكمل الإكمال ١/ ١٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>