للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(٢٢) باب النهى عن صوم يوم الفطر ويوم الأضحى]

١٣٨ - (١١٣٧) وحدّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِى عُبَيْدٍ مَوْلَى ابْنِ أَزْهَرَ؛ أَنَّهُ قَالَ: شَهِدْتُ الْعِيدَ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِىَ اللهُ عَنْهُ - فَجَاءَ فَصَلَّى، ثُمَّ انْصَرفَ فَخَطَبَ النَّاسَ، فَقَالَ: إنَّ هَذَيْنِ يَوْمَانِ، نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صِيَامِهِمَا: يَوْمُ فِطْرِكُمْ مِنْ صِيَامِكُمْ، وَالآخَرُ يَوْمٌ تَأْكُلُونَ فِيهِ مِنْ نُسُكِكُمْ.

ــ

وقوله: " شهدت العيد مع عمر فصلى ثم انصرف فخطب ": حجة فى تقديم الصلاة على الخطبة، وقد تقدم هذا.

وقوله: " وهذان يومان نهى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن صيامهما: يوم فطركم، والآخر يوم تأكلون فيه من نسككم " فيه تعليم الإمام الناس مناسكهم فى أوقاتها، وما يستحب له أن يبينه فى خطبته، كل عيد، وفصل من سننه ومناسكه، وقد أجمع العلماء على تحريم صيام هذين اليومين بأي وجه كان، من تطوع أو نذر، أو دخول فى صوم واجب متتابع (١). ثم اختلفوا فيمنن نذرهما قاصدًا لعينيهما هل عليه قضاؤهما؟ فذهب عامة العلماء إلى أنه لا يصومهما ولا يقضيهما، وهو قول مالك، وزفر، وأحد قولى الشافعى، قيل: عليه القضاء فيهما إلا أن يكون نوى الّا يقضيهما، وهو أحد قولى الأوزاعى، وذهب أبو حنيفة، وصاحباه، والشافعى، والأوزاعى - فى أحد قوليهما - إلى وجوب قضائهما. واختلف قول مالك وأصحابه إذا لم يقصد تعينهما، وإنما نذر نذرًا اشتمل عليهما، أو نذر يوم يقدم فلان فصادفهما، هل عليه فيهما قضاء أم لا قضاء عليه فى ذلك، أم عليه القضاء إلا أن ينوى أن لا قضاء، أم ليس عليه حتى ينوى القضاء؟ وقوله: " يوم فطركم من صيامكم، والآخر يوم تأكلون فيه من نسككم ": أى أحدهما يوم فطركم على خبر المبتدأ، أو يوم فطركم أحدهما على البدل من " يومان " وصفهما بما وصف ليبين العلة لفطرهما، وهو الفصل من الصوم، واشتهار تمامه وحده بفطر ما بعده، والآخر لأجل النسك المتقرب بها [فيه] (٢) ليؤكل منها، ولو كان يوم صوم لم يؤكل منها فى ذلك اليوم فلم يكن لنحرها فيه [معنى] (٣)، وقيل: فطرهما شرع غير مُعللٍ، وقد استدل بعضهم بتخصيص هذين اليومين بالتحريم على أن أيام التشريق


(١) قال أبو عمر: صيام هذين اليومين لا خلاف بين العلماء فى أنه لا يجوز على حال من الأحوال، لا لمتطوع ولا لناذر، ولا لقاض فرضًا أن يصومهما، ولا لمتمتع لا يجد هدياً، ولا يأخذ من الناس. انظر: الاستذكار ١٠/ ١٤٢، ١٤٣.
(٢) ساقطة من س.
(٣) ساقطة من الأصل، والمثبت من س.

<<  <  ج: ص:  >  >>