للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٢٣) باب بيان سنّ البلوغ

٩١ - (١٨٦٨) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نميرِ، حَدَّثَنَا أَبِى، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: عَرَضَنِى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدِ فِى القِتَالِ - وَأَنَا ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً - فَلمْ يُجِزْنِى، وَعَرَضَنِى يَوْمَ الخَنْدَقِ - وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً - فَأَجَازَنِى.

قَالَ نَافِعٌ: فَقَدِمْتُ عَلى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ العَزِيزِ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ خَليفَةٌ، فَحَدَّثْتُهُ هَذَا الحَدِيثَ. فَقَالَ: إِنَّ هَذَا لحَدٌ بَيْنَ الصَّغِيرِ وَالكَبِيرِ. فَكَتَبَ إِلَى عُمَّالِهِ أَنْ يَفْرِضُوا لِمَنْ كَانَ ابْنَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَاجْعَلوهُ فِى العِيَالِ.

ــ

وقول ابن عمر: إن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يجزه فى أحد وهو ابن أربع عشرة سنة وأجازه فى الخندق وهو ابن خمس عشرة سنة، وقول عمر بن عبد العزيز: إن هذا الحد ما بين الصغير والكبير، وكتب لعماله بالفرض لمن بلغ هذا السن وأن يجعل من دونه فى العيال، هذا عند مالك وعند جماعة من العلماء فى طاقة القتال لا فى مراعاة البلوغ، ودليله أنه لم يسأل عن سنه وإنما رآه مستحقاً للفرض حين عرض عليه لما ظهر له من قوته وطاقته وشبابه. وجعل عمر بن عبد العزيز هذا السن أصلاً فى الفرض، وذهب الشافعى والأوزاعى وابن حنبل وابن وهب من أصحابنا: أن هذا السن من تمام خمس عشرة سنة بعد البلوغ لمن لم يحتلم بعد ولا حاض من النساء، وأن ببلوغه يتوجه عليهم حقوق الله - تعالى - وحقوق الآدميين، ويلزمهم التكليف. وقال نحوه إسحاق، لكنه قال: إذا دخل فى الخامس عشرة سنة فهو بلوغ، وأبى عن ذلك مالك وأبو حنيفة وغيرهما من الحجازيين والمدنيين والكوفيين. قال مالك: لا يحكم لمن لم يحتلم بحكم البلوغ حتى يبلغ سناً لا يبلغه أحد إلا احتلم وذلك سبع عشرة إلى ثمان عشرة. وقال أبو حنيفة: ثمان عشرة فى الغلام وسبع عشرة سنة فى الجارية.

وهذا كله فى حقوق الله المجردة، وعباداته، وما يتعلق بها فهذان وجهان.

ووجه ثالث وهو من يستوجب القتل فى الحرب من الكفار ويحكم له - أيضاً - بحكم الكفار أو بحكم الذرية، ففيه سنة مخصوصة بقوله: " اقتلوا من جرت عليه المواسى ". فهذا أصل فى هذا الباب - أيضاً - وهو قول الشافعى.

ووجه رابع وهو ما تعلق بحقوق الآدميين وحقوق الله من الحدود فى الزنا ومن القذف والسرقة، فهذا - أيضاً - يراعى فيه الإثبات البيّن؛ لأنا نتهمه على كتم البلوغ لتسقط عنه

<<  <  ج: ص:  >  >>