للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(٢) باب تحويل القبلة من القدس إلى الكعبة]

١١ - (٥٢٥) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو الأَحَوْصِ، عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ، عَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ؛ قَالَ: صَليْتُ مَعَ النَّبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلى بَيْتِ المَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا، حَتَّى نَزَلتْ الآيَةُ التِى فِى البَقَرَةِ: {وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَه} (١) فَنَزَلتْ بَعْدَ مَا صَلى النَّبِىُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَانْطَلقَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ فَمَرَّ بِنَاسٍ مِنَ الأَنْصَارِ وَهُمْ يُصَلُّونَ، فَحَدَّثَهُمْ، فَوَلَّوْا وُجُوهَهُمْ قِبَلَ البَيْتِ.

ــ

وقوله فى حديث تحويل القبلة: " فانطلق رجل من القوم فمر بناس من الأنصار وهم يصلون فحدثهم [بالحديث] (٢)، فولَّوا وجوههم قِبَل البيت "، قال الإمام: اختلف أهل الأصول فى النسخ إذا ورد متى يتحقق حكمه على المكلف ويحتج لأحد القولين (٣) بهذا الحديث؛ لأنه ذكر أنهم تحولوا إلى القبلة وهم فى الصلاة، ولم يعيدوا ما مضى، وهذا دليل على أن الحكم إنما يستقر بالبلوغ، فإن قيل: كيف استداروا (٤) إلى القبلة بخبره، والنسخ فى هذا بخبر واحدٍ؟ قيل: قد قالوا: إن النسخ بالواحد كان جائزاً فى زمان النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وإنما منع بعده صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقيل: إنما تلا عليهم الآيات التى فيها ذكر النسخ فتحولوا عند سماع القرآن، ولم يقع النسخ بخبره، وإنما وقع النسخ عندهم بما سمعوا من القرآن.

قال القاضى: أشد جواب فى هذا أن يقال: إن العمل بخبر الواحد مقطوع به، كما أن العمل بالحكم المقطوع بصحته من الكتاب والسنة المتواترة مقطوع به؛ ولأن الدليل الموجب لثبوت الحكم أولاً غير الدليل الموجب لنفيه وثبوت غيره، وإلى جواز النسخ بخبر الواحد، مال القاضى أبو بكر وغيره من المحققين. وفى هذا الخبر بالجملة قبول خبر الواحد، وعادة الصحابة بامتثاله والعمل به والوقوف عنده واعتداد بعضهم بنقل بعض، وأنهم لم يحتاجوا إلى التوقف حين سمعوا ذلك عن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (٥).

قال الإمام: وقد ردوا إلى مسألة النسخ المتقدمة [مسألة] (٦) الخلاف فى الوكيل إذا تصرف بعد العزل ولم يعلم؛ فقالوا على القول بأن حكم النسخ لازم حين الورود، ينبغى


(١) البقرة: ١٤٤.
(٢) ليست فى المطبوعة.
(٣) القول الأول أن النسخ يلزم النزول، والثانى أنه يلزم بالوصول، كما سيأتى.
(٤) فى ت: استدلوا.
(٥) قال الأبى: لا يلزم من قبول هذا الخبر لما احتفت به من القرائن قبولُ غيره، والخلاف الذى فيه إنما هو عند تجرده من القرائن ٢/ ٢٣١.
(٦) من هامش ت.

<<  <  ج: ص:  >  >>