للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٢ - (...) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنّى وَأَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ، جَمِيعًا عَنْ يَحْيَى، قَالَ ابْنُ المُثَنّى: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن سَعِيدٍ عَنْ سُفْيَانَ، حَدَّثَنِى أَبُو إِسْحَاقَ؛ قَالَ: سَمِعْتُ البَرَاءَ يَقُولُ: صَليْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَ بَيْتِ المَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا، ثُمَّ صُرِفْنَا نَحْوَ الكَعْبَةِ.

ــ

ألا تمضى أفعاله بعد العزل وإن لم يبلغه ذلك. وعلى القول الثانى تكون أفعاله ماضية بعد العزلة ما لم تبلغه العزلة.

قال القاضى: ضعَّفَ المحققون من الأصوليين هذه المسألة إلى هذا الأصل؛ إذ حقيقة الخطاب بالتكليف إنما يتعلق بالبلاغ عند المحققين من أئمتنا، فإن النسخ إذا ورد فمن لم يبلغه باقٍ على المخاطبة بالعبارة الأولى، وليس فى حقه نسخ حتى يبلغه، ومنهم من يثبت النسخ فى حقه، لكن بشرط أن يبلغه، فهو اختلاف فى عبارة وكلهم مجمعون على بقائه على الحكم الأول، وإجزائه (١) إذ الجاهل لا يثبت التكليف فى حقه بما جهله ولم يبلغه، وهذا من المستحيل، وإنما ذهب إلى النسخ فى حقه طائفة من الفقهاء والمتكلمين الذين لم يقووا فى الأصول وما قدمناه يرد قولهم ومسألة الوكيل تعلق بها حق للغير على المُوَكَّلِ فلهذا توجه الخلاف فيها، ولم يختلف المذهب عندنا فى أحكام من أعتق ولم يعلم بعتقه أنها أحكام حر فيما بينه وبين الناس، فأما ما بينه وبين الله فجائزة. ولم يختلفوا فى [عبادة] (٢) المُعْتَقَةِ أنها لا تُعِيد مَا صَلتْ بغير ستر، وإنما اختلفوا فيمن طرأ عليه موجب يُغيّر حكم عبادته وهو فيها بناء على هذه المسألة وفعل الأنصار فى الصلاة كمسألة الأمة تعتق فتصلى فلا تعلم بذلك إِلا فى الصلاة هل تبطل صلاتها؟ وهو قول أصبغ أم تصحُّ؟ وهو ظاهر قول ابن القاسم، وكذلك إذا عُتِقَتْ فى نفس الصلاة وهى مكشوفة الرأس، فإنها لا تقطع الصلاة وتتمادى فيها، لكن متى أمكنها حينئذ من تناولها ما تستر به رأسها أو قرب منها تناوله تَعَيَّن فعل ذلك عليها، وهذا قول أكثر أصحابنا، وهو قول الشافعى والكوفيين، وجمهور العلماء. ومنه - أيضاً - المسافر ينوى الإقامة وهو فى الصلاة، أو إمام الجمعة يقدم والٍ بعزله بعد عقده ركعة، فالأكثر على التمادى فى هذه المسائل والإجزاء؛ لأنه دخل فى الصلاة وتعينت عليه على تلك الحالة الأولى، وقيل: يقطعون. ومنه - أيضاً - التيمم إذا طلع عليه رجل بماء فى الصلاة أو نزل عليه مطر، فإنه يتمادى ولا يقطع، ولا يقال فى هذا: إنه إن أمكنه الماء توضأ؛ لأنه عمل كثير منافٍ للصلاة، ولا يصح مع التمادى فيها،


(١) محل الإجماع عند العلماء إذا كان الناسخ مع جبريل - عليه السلام - ولم ينزل به إلى النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلا يثبت له حكم فى حق المكلفين، بل هم فى التكليف بالحكم الأول على ما كانوا عليه قبل إلقاء الناسخ إلى جبريل.
(٢) من ت.

<<  <  ج: ص:  >  >>