للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٣ - (٥٢٦) حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ ابْنُ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ. ح وَحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ - وَاللفْظُ لهُ - عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ؛ قَالَ: بَيْنَمَا النَّاسُ فِى صَلاةِ الصُّبْحِ بِقُبَاءٍ إِذْ جَاءَهُمْ آتٍ فَقَالَ: إِنَّ رسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أُنْزِلَ عَليْهِ الليْلةَ، وَقَدْ أُمِرَ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الكَعْبَةَ فَاسْتَقْبلُوهَا. وَكَانَتْ وجُوهُهُمْ إِلىَ الشَّامِ، فَاسْتَدَارُوا إِلى الْكَعْبَةِ.

ــ

وهذا قول مالك والشافعى والجمهور، خلافاً للكوفيين والأوزاعى فى رجوعهما للطهارة بالماء. واحتجوا - أيضاً - بهذا الحديث على نسخ السنة بالقرآن (١)؛ لأن صلاة النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أولاً لبيت المقدس على قول أكثرهم سنة (٢)، وهى مسألة اختلف فيها الأصوليون، فأجازه جمهورهم؛ لأن سنة النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حكم من الله على لسان نبيه مثل حكمه، كما بينه فى كتابه، وقال بعضهم: لا يجوز ذلك؛ لأن السنة مبينة للكتاب وبعيد قضاء المبَيِّن ونسخه وحكمه على المبَيَّن (٣). وقالوا فى قصة القبلة: إنما هى نسخ قرآن بقرآن، وأن الأمر أولاً [كان] (٤) بتخيير المصلى أن يولى وجهه حيث شاء بقوله تعالى: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّه} (٥)، ثم نسخ باستقباله القبلة. وقيل: بل صلاة النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى بيت المقدس كان بعد وروده [إلى] (٦) المدينة بأمر الله تعالى، ففرحت بذلك اليهود ثم صُرِف إلى الكعبة.


(١) وهو مذهب الجمهور من الأشاعرة والمعتزلة والفقهاء، فقد قالوا بجوازه عقلاً ووقوعه شرعاً، واحتجوا لذلك بقوله تعالى: {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى. إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: ٣، ٤] قالوا: غير أن الكتاب متلوٌّ، والسنة غير متلوَّة، ونسخ حكم أحد الوجهين بالآخر غير ممتنع عقلاً، قالوا: فإنا لو فرضنا خطاب الشارع بجعل القرآن ناسخاً للسنة لما لزم عنه لذاته محال. الأحكام للآمدى ٣/ ٢١٣.
(٢) قولهم: إنها لم تعرف إِلا من السنة. السابق.
ومن أدلتهم التى ساقوها مصالحة النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أهل مكة عام الحديبية على أن من جاءه مُسْلماً ردّهُ، حتى إنه ردَّ أبا جندل وجماعة من الرجال، فجاءت امرأة، فأنزل الله تعالى: {فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّار} [الممتحنة: ١٠]. قالوا: وهذا قرآن نسخ ما صالح عليه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو من السنة. السابق ٣/ ٢١٣.
(٣) ورُدَّ عليهم بأن المراد بقوله تعالى: {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاس} [النحل: ٤٤] إنما هو التبليغ، وذلك يعمُّ بتبليغ الناس من القرآن وغيره، وليس فيه ما يدل على امتناع كون القرآن ناسخاً للسنة.
(٤) ساقطة من ت.
(٥) البقرة: ١١٥. وقد رُدَّ عليه بأن قوله تعالى: {فَثَمَّ وَجْهُ اللَّه} تخييرٌ بين القدس وغيره من الجهات، والمنسوخ إنما هو وجوبُ التوجه إليه عيناً، وذلك غير معلوم من القرآن. إحكام الأحكام ٣/ ٢١٣.
(٦) من ت.

<<  <  ج: ص:  >  >>