للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(١٦) باب استحباب نكاح البكر]

٥٥ - (...) حدَّثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا أَبِى، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَارِبٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً، فَقَالَ لِى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " هَلْ تَزَوَّجْتَ؟ ". قُلْتُ: نَعَم. قَالَ: " أَبِكْرًا أَمْ ثَيِّبًا؟ ". قُلْتُ: ثَيِّبًا. قَالَ: " فَأَيْنَ أَنَتَ مِنَ العَذَارَى وَلِعَابِهَا؟ ".

قَالَ شُعْبَةُ: فَذَكَرْتُهُ لِعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ. فَقَالَ: قَدْ سَمِعْتُهُ مِنْ جَابِرٍ. وَإِنَّمَا قَالَ: " فَهَلا جَارِيَةً تُلاعِبُهَا وَتُلاعِبُكَ؟ ".

ــ

وقول النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لجابر: " فهلا بكراً تلاعبها وتلاعبك "، قال الإمام: قال بعضهم: يحتمل أن يكون أراد بقوله: " تلاعبها " من اللعاب، ويدل عليه ما فى بعض طرق مسلم: " فأين أنت من العذارى ولعابها "، وما جاء فى الحديث الآخر: " أنهن أطيب أفواهاً، وأنتق أرحاماً " (١)، ورواية أبى ذر فى البخارى، من طريق المستملى: " ولعابها " بالضم (٢).

قال القاضى: أكثر المتكلمين على الحديث حملوا الملاعبة، من اللعب، بدليل قوله فى الحديث: " تضاحكها وتضاحكك "، وفى كتاب أبى عبيد: " تداعبها وتداعبك "، وروايتنا فى كتاب مسلم: " لِعابها " بكسر اللام، وهو مصدر لاعب، من الملاعبة، كالقتال من المقاتلة.

وفى الحديث فضل تزويج الأبكار، ولاسيما للشباب. وفيه سؤال الإمام رعيته عن أمورها، وتفقده مصالحها، وأن مرغوب النكاح الاستمتاع والاستلذاذ، وبقدر ذلك تكون الألفة، وذلك فى الأبكار أوجد. وفيه جواز ملاعبة الأهل والترغيب فيها، وقد مدح الله تعالى نساء أهل الجنة فقال: {عُرُبًا أَتْرابًا} (٣). قيل: العُرب: المتحببات لأزواجهن، وقيل: الحسنة التبعل، وهو من هذا.

وقول جابر فى اعتذاره عن زواج الثيب ما ذكر من قيامها على أخواته، وتصويب النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذلك له، ما هو الأولى من إيثار مصلحة الحال والنفس والآل على شهواتها ولذاتها. وفيه ما يلزم المرأة من القيام بمصالح زوجها، وما تندب إليه من برّ إليه، والقيام


(١) سنن سعيد بن منصور رقم (٥١٣) بلفظ: " إنهن أطيب أفواهاً، وأعز أخلاقاً، وأفتح أرحاماً ". ط دار الكتب العلمية.
(٢) انظر: الفتح ٩/ ١٢٢.
(٣) الواقعة: ٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>