وقوله فى حديث معمر بن عبد الله: أنه أرسل غلاماً له بصاع قمح ليبيعه ويشترى بثمنه شعيراً، وأنه أخذ به صاعاً وزيادة، وأن معمراً قال لداود: ولا تأخذن إلا مثلاً بمثل. واحتج بقوله - عليه السلام -: " والطعام بالطعام مثلاً بمثل، قال: وكان طعامنا يومئذ الشعير، فقيل له: إنه ليس بمثله، قال: أخشى أن يضارع: فيه حجة للمالكية فى جعلها صنفاً واحداً.
قال الإمام: مذهب مالك: أن الشعير مع القمح صنف واحد، لا يجوز التفاضل به لتقارب المنفعة فيه، وسنبين فى كلامنا على السلم وجه مراعاته المنفعة دون مجرد الذوات، ونوضح ذلك: فإن القمح قد يستدل به فى نفسه فيبين أعلاه وأدناه من التقارب قريب مما بين القمح والشعير، ثم حصل الاتفاق على أن أعلى القمح وأدناه لا يجوز التفاضل بينهما لتقارب الغرض فيهما، وكذلك القمح والشعير. ومذهب الشافعى جواز التفاضل بين القمح والشعير، ومال إليه بعض شيوخنا المحققين، واعتمد على أنه يخالف القمح فى الصورة والتثنية كما يخالف القمح التمر، فوجب أن يكون صنفين، وقد قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عقيب الحديث: " فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم "، وقد ذكر الترمذى: " بيعوا البر بالشعير كيف شئتم، يداً بيد " (١)، وبهذا احتج الشافعى.
(١) ك البيوع، ب ما جاء أن الحنطة بالحنطة مثلاً بمثل ٣/ ٥٤١ برقم (١٢٤٠).