للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(٥٧) باب من حلق قبل النحر، أو نحر قبل الرمى]

٣٢٧ - (١٣٠٦) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، قَالَ: وَقَفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِى حَجَّةِ الْوَدَاعِ، بِمِنًى، لِلْنَّاسِ يَسْأَلُونَهُ، فَجَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ لَمْ أَشْعُرْ، فَحَلَقْت قَبْلَ أَنْ أَنْحَرَ. فَقَالَ: " اذْبَحْ وَلَا حَرَجَ " ثُمَّ جَاءَهُ رَجُلٌ آخَرُ: فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَمْ أَشْعُرْ، فَنَحَرْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِىَ. فَقَالَ: " ارْمِ وَلا حَرَجَ ".

ــ

وقوله: لم أشعر فنحرت قبل أن أرمى، قال: " ارم ولا حرج " وقال آخر: لم أشعر فحلقت قبل أن أنحر، قال: " انحر ولا حرج " وفى بعض طرقه: حلقت قبل أن أرمى، قال: " ارم ولا حرج "، [وفى بعضها هؤلاء الثلاثة، وفى بعضها: أفضت إلى البيت قبل أن أرمى، قال: " ارم ولا حرج " وفيه: كلما سئل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن شىء قدم ولا أُخر إلا قال: " افعل ولا حرج "] (١)، قال الإمام: الذى يفعله الحاج فى منى ثلاثة أشياء: رمى، ونحر، وحلق فإن قَدّم من ذلك واحداً على صاحبه فلا فدية عليه، إلا فى تقديم الحلاق على الرّمى، فإن عليه الفدية عندنا لأنه حلق قبل حصول شىء من التحلل، فأشبه من حلق عقيب الإحرام. وعند المخالف: لا فدية عليه؛ لما وقع فى بعض طرق هذا الحديث أنه قال: " ارم ولا حرج ": ويحمل هذا عندنا على نفى الإثم لا الفدية، وحمله المخالف على نفيها جميعًا، وهكذا حمل ابن الماجشون أيضاً قوله فى الحلق قبل النحر: " انحر ولا حرج "، على نفى الإثم لا الفدية؛ لأنه يرى أن من حلق قبل الذبح فقد أخطأ وعليه الفدية لقوله تعالى: {وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّه} (٢) والمشهور عندنا: لا فدية عليه، ويحمل قوله - عليه السلام -: " ولا حرج " على نفى الإثم والفدية جميعاً، ويحمل قوله تعالى: {حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّه} على وصوله إلى منى [موضع نحره] (٣) لا نحره، وفى بعض طرق هذا الحديث من غير كتاب مسلم: سعيت قبل أن أطوف (٤)، وهذا لا أعلم أحداً قال به، واعتد بالسعى قبل الطواف إلا ما ذكر عن عطاء.

وممنوعات الحج المتعلقة بأحوال نفس الإنسان المعتادة غالبًا [شيئان] (٥): رفث، وإلقاء تفث. فالرفث: الجماع وما فى معناه، وإلقاء التفث: حلق الرأس، وتقليم


(١) فى ع هذه العبارة مختصرة فى قوله: " إلى قوله: افعل ولا حرج ".
(٢) البقرة: ١٩٦.
(٣) سقط من الأصل، ع، واستدرك بالهامش بسهم.
(٤) أبو داود، ك المناسك، ب فيمن قدم شيئاً قبل شىء فى حجه، عن أسامة بن شريك ١/ ٤٦٤.
(٥) من ع.

<<  <  ج: ص:  >  >>