للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(٦) باب غلظ تحريم الغلول]

٢٤ - (١٨٣١) وَحَدَّثَنِى زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِى حَيَّانَ، عَنْ أَبِى زُرْعَةَ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ، فَذَكَرَ الغُلولَ فَعَظَّمَهُ وَعَظَّمَ أَمْرَهُ. ثُمَّ قَالَ: " لا أُلفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَجِىءُ يَوْمَ القِيَامَةِ، عَلى رَقَبَتِهِ بَعِيرٌ لهُ رُغَاءٌ، يَقُولُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَغِثْنِى. فَأَقولُ: لا أَمْلِكُ لكَ شَيْئًا، قَدْ أَبْلغْتُكَ. لَاَ أُلفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَجِىءُ يَوْمَ القِيَامَةِ، عَلىَ رَقَبَتِهِ فَرَسٌ لهُ حَمْحَمَةٌ، فَيَقُولُ: يَا رَسُولَ اللهِ،

ــ

وقوله: " لا ألفين أحدكم يوم القيامة يجىء على رقبته بعير ": كذا رويناه بالمد وبالفاء، وهو وجه الكلام، أى: لا تفعلوا فعلاً أجدكم فيه على هذا الصفة. ووقع عند العذرى: " لا ألقين " بالقاف، وله وجه على ما تقدم، وكذلك فى الحديث الآخر: " لا أعرفن " على ما تقدم، وعند أكثرهم: " لأعرفن " بغير مد، والأول أعرف.

قال الإمام: قوله: " له رغاء ": الرغاء: صوت البعير، وكذا ما ذكره بعده صوت كل شىء وصفه به.

وقوله: " لا يأتى أحدكم وعلى رأسه رقاع تخفق ": فيه دلالة على زكاة العروض، وقد يستدل به - أيضاً - من يرى الزكاة فى الخيل بذكره الفرس فى هذا الحديث، وقد تقدم الكلام على ذلك.

قال القاضى: لورود هذا فى كتاب الزكاة ومعرض عنها أمكن الاحتجاج به لنا وعلينا فى الموضعين، وإنما ورد فى باب الغلول فبعيد الاستدلال به على غيره. وفى الحديث تعظيم أمر الغلول والعقوبة عليه. ولا خلاف أنه من الكبائر وشهرة المعاصى فى الآخرة يوم تبلى السرائر، وكشفهم على رؤوس الناس، وهتك سترهم بحملهم على رؤوسهم ما اختانوه واغتالوه، واستتروا به عن الخلق فى الدنيا، كما قال تعالى: {وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} (١). وبزيادة شهرة ذلك فتصويب الناطق وخفق غير الناطق، ومن رغاء الإبل (٢) وحمحمة الفرس، وثغاء الشاة، وصياح الآدمى، وخوار البقرة، وبعار المعز - وهو صوتها خاصة - وهو معنى قوله: " شاة تيعر " وتصويب الرياح فى الثياب، وما لا ينطق وهو قوله: " رقاع تخفق "، وقد يكون حمله لها من عقابه لها وثقلها عليه فى ذلك المقام،


(١) آل عمران: ١٦١.
(٢) فى س: البعير.

<<  <  ج: ص:  >  >>