للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(١٣) باب جواز بيع المدبر]

٥٨ - (٩٩٧) حدّثنا أَبُو الرَّبِيعِ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْعَتَكِىُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ - يَعْنِى ابْنَ زَيْدٍ - عَنْ عَمْرِو بنِ دِينَارٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ؛ أَنَّ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ أَعْتَقَ غُلامًا لَهُ عَنْ دُبُرٍ، لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ. فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِىَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: " مَنْ يَشْتَرِيهِ مِنِّى؟ "، فَاشْتَرَاهُ نُعَيْمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ، فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ.

قَالَ عَمْرٌو: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يَقُولُ: عَبْداً قِبْطِياً مَاتَ عَامَ أَوَّلَ.

٥٩ - (...) وحدّثناه أبو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ. قَالَ أَبُو بَكْر: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، قَالَ: سَمِعَ عَمْرٌو جَابِرًا يَقُولُ دَبَّرَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ غُلامًا لَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ، فَبَاعَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

قَالَ جَابِرٌ: فَاشْتَرَاهُ ابْنُ النَّحَّامِ. عَبْدًا قِبْطِيًا مَاتَ عَامَ أَوَّلَ، فِى إِمَارَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ.

ــ

وقوله: أن رجلاً من الأنصار أعتق غلاماً له عن دبر لم يكن له مال غيره، فبلغ ذلك النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: " من يشتريه منى؟ " فاشتراه نعيم بن عبد الله بثمانمائة درهم فدفعها إليه، قال الإمام - رحمه الله -: مذهبنا بيع المدبر، خلافاً للشافعى فى إجازة بيعه تعلقاً منه بهذا الحديث، وقياساً على الموصى بعتقه أن له الرجوع فيه باتفاق. وقد تأول أصحابنا هذا الحديث على أنه كان مدياناً؛ ولهذا تولى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بيعه.

وقوله هاهنا: " فدفعها إليه ": أراد به السيد. وقوله فى النسائى وأبى داود، أحدهما يرويه على نحو ما يقول الآخر، وفيه: فاحتاج مولاه فأمره ببيعه، فباعه بثمانمائة درهم، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أنفقها على عيالك، فإنما الصدقة عن ظهر غنى، وابدأ بمن تعول " (١)، فهذا كله يمتنع من تأويل أصحابنا أنه باعه بالدين. وعند الترمذى: " فمات ولم يترك مالاً غيره فباعه النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فاشتراه نعيم " وقال: هذا حديث حسن (٢). ونظن أنا قدمنا الكلام على هذا الحديث.

قال القاضى - رحمه الله -: أجمع العلماء على جواز التدبير. وأنه ما لم يزد خارج من الثلث عند كافتهم (٣). وذكر عن بعض السلف أنه من رأس المال، وهو قول زفر


(١) النسائى فى الكبرى، ك العتق، ب التدبير ٣/ ١٩١، أبو داود، ك الأدب، ب فى بيع المدبر ٢/ ٣٥٢.
(٢) الترمذى، ك البيوع، ب ما جاء فى بيع المدبر (١٢١٩).
(٣) انظر: الاستذكار ٣/ ٣٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>