للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(...) حدّثنا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَابْنُ رُمْحٍ، عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِى الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِىِّ فِى الْمُدَبَّرِ. نَحْوَ حَدِيثِ حَمَّادٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ.

(...) حدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ - يَعْنِى الْحِزَامِىَّ - عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ سُهَيْلٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِى رَبَاحٍ، عَنْ جَابرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ. ح وَحَدَّثَنِى عَبْدُ اللهِ بْنُ هَاشِمٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى - يَعْنِى ابْنَ سَعِيدٍ - عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ ذَكْوَانَ الْمُعَلِّمِ، حَدَّثَنِى عَطَاءٌ عَنْ جَابِرٍ.

ــ

والليث بن سعد. واختلف الناس فى بيع المدبر وفسخ تدبيره، فذهب بعضهم إلى ظاهر هذا الحديث وأنه كالموصى يعتقه لصاحبه أن يرجع فيه ويبيعه، احتاج أم لا، وهو قول الشافعى وأحمد وإسحاق وأبى ثور وداود، وقاله مجاهد وطاوس من السلف، وروى عن عائشة - رضى الله عنها - وروى عن الحسن وعطاء مثله إذا احتاج إليه سيده (١).

وقال كافة العلماء والسلف من الحجازيين والكوفيين والشاميين: لا يباع المدبر، وقالوا: إنما باع النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هذا فى الدين (٢) لما روى فى الحديث من قوله له: " اقض به دينك " وأنه كان مديانًا. كذا ذكره أبو الحسن الدارقطنى والنسائى فى سننهما (٣). هذا حجة لتأويل المالكية ومذهبهم، ومفسر للحديث المجمل هنا، وأنه دفع ثمنه ليقضى به دينه.

وأما تلك الزيادة الأخرى التى ذكر - رحمه الله - عن أبى داود والنسائى من قوله: " فاحتاج الرجل " وقوله: " أنفقها على عيالك "، وعندهما: " إذا كان أحدكم فقيراً فليبدأ بنفسه، فإن فَضَلَ فَضْلٌ فعلى عياله " غير مخالف لما تقدم، فبدايته بنفسه قضاء دينه، وما أخذه من ذلك لنفقة عياله. وأما رواية الترمذى: أنه كان مات، فقد ذكرها غيره، وغلط داود بها أئمة الحديث.

وقال بعض علمائنا: إنما باعه النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على مشهور الأحاديث، وأما فى الصحيح أنه لم يكن له مال غيره ففسخ ذلك عليه كما فسخ صدقة أبى لبابة بجميع ماله، وقال: " يكفيك من ذلك الثلث "، وقد قدمنا اختلاف العلماء فيمن تصدق بماله كله، ومن رأى رده وهذا مثله. وقيل: بل كان تدبيراً معلقاً بالموت، مثل قوله: إن مت فى مرض فأنت حر. فكان هذا كالوصية التى يرجع فيها، واسم التدبير يقع عليه؛ لأنه عتق عن دبر من عمر الميت وانقضائه. وأصل التدبير والوصية من هذا.

ومعنى العتق عن دبر: أى بعد الموت، ودبر كل شىء ودبره: آخره. والفرق


(١) انظر: الاستذكار ٢٣/ ٣٨٥.
(٢) انظر: المصدر السابق ٢٣/ ٣٨٧.
(٣) انظر: الدارقطنى، ك المكاتبة ٤/ ١٣٨ بلفظ: " اقض دينك "، النسائى، ك العتق، ب التدبير ٣/ ١٩٢ بزيادة: " وكان محتاجاً وكان عليه دين ".

<<  <  ج: ص:  >  >>