للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(٦٩) باب زيادة طمأنينة القلب بتظاهر الأدلة]

٢٣٨ - (١٥٢) وحدّثنى حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحَمنِ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيّبِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " نَحْنُ أَحَقُّ بِالشَّكَ مِنْ إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ قَالَ: {رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي

ــ

وقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " نحن أحق بالشك من إبراهيم "، قال الإمام: يحتمل أنه أن يكون لما رأى إبراهيم - عليه السلام - سأل زيادة يقين بأن يعلم بالعيان ما عَلمَ بالدليل، ومعلوم أن بين العلمين فى العادة من انتفاء الشكوك تبايناً عبَّر عن المعنى الذى بين العِلمين بالشك مجازاً، وقد تكلم الإمام أبو عبد الله - أيضاً - آخر الكتاب على قضية إبراهيم ومضمن هذا الحديث بأشبع من هذا، فقال: من الناس من ذهب إلى أن إبراهيم إنما أراد بهذا اختبار. منزلته واستعلام قبول دعوته، فسأل البارى أن يخرق له العادة، ويحيى له الموتى، ليعلم بذلك قدر منزلته عند الله.

ويحمل هؤلاء قوله: [عزَّ وجهه] (١) {أَوَلَمْ تُؤْمِن} (٢) على أن المراد به بقربك [منى] (٣) وبفضيلتك لدىَّ. فيكون التقدير - لو ثبت حملُ الآية على هذا المعنى -: نحن أولى أن نختبر حالنا عند الله من إبراهيم - على جهة الإشفاق منه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والتواضع لله تعالى - وإن قلنا بما يقتضيه أصل المحققين، وأن المراد: أن ينتقل من اعتقاد إلى اعتقاد آخر هو أبعد من طريان الشك ونزغات الشيطان لأنا [لا] (٤) نساوى بين العلوم الضرورية والعلوم النظرية، ونمنع التفاضل بينهما فى نفس التعلق، وإنما يصرف التفاضل إلى أن الشك لا يطرأ على الضرورى فى العادة والنظرى قد يطرأ عليه - فيكون إبراهيم سأل ربه زيادة فى الطمأنينة، وسكون النفس، حتى تنتفى الشكوك أصلاً، ويكون المراد من نبينا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنا أحق بالشك فى هذا منه على جهة الإشفاق أيضاً [أ] (٥) ويكون المراد بذلك أمَّته ليحضَّهم على الابتهال إلى الله تعالى بالتعوذ من نزغات الشيطان فى عقائد الدين.

قال القاضى: للناس فى معنى سؤال إبراهيم أجوبَةٌ كثيرةٌ، منها الجوابان المتقدمان فى إرادته اختيار المنزلة، أو زيادة اليقين، وقيل: أراد علم كيفيته واطمئنان القلب لمشاهدتها، وكان له علم بالوقوع، وأراد علماً ثانياً بكيفيته ومشاهدته وطمأنينة قلبه، لما كان ينازعه من


(١) من ت.
(٢) البقرة: ٢٦٠.
(٣) من ق.
(٤) ساقطة من الأصل، ومستدركة فى ت بهامشه.
(٥) ساقطة من الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>