قوله - عليه الصلاة والسلام - للذى قال له:" بئس ابن العشيرة ": فيه أنه لا غيبة فيمن جاهر بفسقه، ولا كافر، ولا أمير جائر، ولا صاحب بدعة، وهذا الرجل هو عيينة ابن حصن، وكان حينئذ - والله أعلم - لم يسلم، فلم يكن القول فيه غيبة، أو أراد - عليه الصلاة والسلام - إن كان قد أظهر الإسلام أن يبين حاله لئلا يغتر به من لم يعرف باطنه، وقد كان منه فى حياة النبى - عليه الصلاة والسلام - وبعده من هذه الأمور ما دلت على ضعف إيمانه.
وإلانة النبى - عليه الصلاة والسلام - له بالقول بعد هذا القول، تألفاً لمثله على الإسلام، بل فيه من أعلام النبوة قول النبى أنه:" بئس ابن العشيرة " علم من أعلام نبوته، وقد ظهر ذلك منه؛ إذ هو ممن ارتد وجىء به أسيرًا إلى أبى بكر، وله مع عمر بن الخطاب خبر - والله أعلم - بما ختم له به.
هذا من المداراة وهو بذل الدنيا [لصلاح الدنيا والدين. وهى مباحة مستحسنة فى بعض الأحوال، خلاف المداهنة المذمومة المحرمة، وهو بذل الدين لصلاح الدنيا](١) والنبى - عليه الصلاة والسلام - هنا بذل له من دنياه حسن عشيرته، ولا سيما كلمته وطلاقة وجهه،