للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(١٥) باب فى تحسين كفن الميت]

٤٩ - (٩٤٣) حدّثنا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللهِ وَحَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ، قَالَا: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: أَخْبَرَنِى أَبُو الزُّبَيْرِ؛ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يُحَدِّثُ؛ أَنَّ النَّبِىَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ يَوْمًا، فَذَكَرَ رَجُلاً مِنْ أَصْحَابِهِ قُبِضَ فَكُفِّنَ فى كَفَنٍ غَيْرِ طَائِلٍ، وَقُبِرَ

ــ

ونهيه - عليه السلام - فى حديث الذى كفن فى كفن غير طائل، ودفن ليلاً أن يُقبر الرجل بالليل حتى يُصلى عليه، إلا أن يُضطَّر إنسان إلى ذلك، وقال: " إذا كَفَّنَ أَحَدُكم أخاه فليحسن كفنه " فيه تعليقه - عليه السلام - الدفن بشرط الصلاة، وهذا يدل على قول مالك، وجمهور أصحابنا بوجوب الصلاة عليها، إذ لا خلاف فى وجوب الدفن، وإذا تعلق بشرط الصلاة وجب الشرط، ومعنى " غير طائل ": أى لا خطر له ولا قيمةَ، أو لا ستر فيه، ولا كفاية أَوْ لا نظافة فيه ولا نقاوة.

قال الإمام: اختلف عندنا فى الصلاة على الجنازة، فقيل: فرض على الكفاية، وقيل: سُنة، فمن قال: [إن] (١) أفعاله على الوجوب قوى عنده القول بوجوبها، [ومن توقف فى ذلك أو قال: إننا مندوبون إليها] (٢)، ومن قال بالندب أو التوقيف قوى عنده القول بأنَّها سنة.

قال القاضى: ما فى هذا الحديث يؤكد (٣) وجوبها، وأمره - عليه السلام - بالصلاة على الجنائز، وقد استدل بعض أصحابنا بقوله تعالى: {وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَدًا} (٤)، قال بعضهم: هو من باب دليل الخطاب. وقال آخرون (٥) هو من باب أن النهى عن الشىء أمر بِضدِّه، وهذا [كله ضعفٌ كثير وخطأ بين] (٦)، ليس يصح الاستدلال به بوجهِ من هذين الوجهين، ولا دليل فيه على الوجوب جملةً، واستدل بعضهم بقوله: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَة} إلى قوله: {وَصَلِّ عَلَيْهِم} (٧)، وهذا يحتمل وهو فى الدعاء أظهر (٨).


(١) و (٢) من ع.
(٣) فى الأصل: ما يؤكد، والمثبت من س.
(٤) التوبة: ٨٤.
(٥) فى س: آخر.
(٦) فى س: ضعيف وخطأ كثيرٌ بيِّنٌ.
(٧) التوبة: ١٠٣.
(٨) جمهور علماء المسلمين من الصحابة والتابعين على أنه لا يجوز أن تُتْرك الصَّلاةُ على مسلم مات، وأنه لا يجوز دفنه دون أن يُصلى عليه، وذلك لما جاء فى حديث الصلاة على النجاشى، وكذا أجمعوا على أنه لا يجوز ترك الصلاة على المسلمين المذنبين من أجل ذنوبهم، وإن كانوا أصحاب كبائر. راجع الاستذكار ٨/ ٢٣٦، مجمع الزوائد ٢/ ٦٧.
وكره مالك من بين سائر العلماء أن يُصلى أهلُ العلم والفضل على أهل البدع. الاستذكار ٨/ ٢٨٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>