وقوله:" إذا اختلفتم فى الطريق جعل عرضه سبعة أذرع "، قال القاضى: قال الخطابى: هذا حديث معمول به عند العلماء وذلك بشرطين: أن يبقى لكل من الشركاء بعد ذلك ما ينتفع به دون مضرة. وأما أن يبقى لأحدهم ما لا ينتفع به فغير داخل فى ذلك. قال غيره: وهذا فى أصحاب الأفنية إذا أرادوا البنيان أن يجعلوها سبعة أذرع؛ قدر ممر الأحمال وتلاقيها.
قال القاضى: وهذا كله عند التشاجر والاختلاف لما نص عليه فى الحديث، وأما إذا اتفق أهل الأرض عند قسمها على طريق لم يعرض لهم لأنها ملكهم، وقيل: الحديث جاء فى أمهات الطرق، وأما بنيات الطرق فاتفقوا عليه جاز وإن قل، فإن أراد هذا القائل بأمهات الطرق إلى قريتهم التى يقسمونها فهو ما قلناه: إنه مما يتراضون عليه، إلا أن يقال: إن هذا التراضى فى أمهات الطرق مما يضر بجميعهم فيحد لهم ما فيه مصلحتهم. وإن أراد بأمهات الطرق العامة للمسلمين فى أرض لهم، أرادوا بناءها فألزم أن يخرجوا للمسلمين ما ذكر فى الحديث قبل. وهذا فى القرى والمدن، وأما الفيافى وخارج المدن فيجب أن تكون الطرق فيها أوسع لمجرى الجيوش ومسارح الأنعام. وقد جاء فى ذلك آثار نحو هذا - والله أعلم.
قال الإمام: لم يأخذ مالك وأصحابه بهذا الحديث، ورأوا أن الطرق تختلف بحسب الحاجة إلى سعتها بقدر اختلاف أحوالها، وأن ذلك معلوم بالغالب، وليس طريق الممر كطريق الأحمال والدواب، وليس المواضع العامرة التى يتزاحم عليها الوارد كغيرها، ولعل الحديث عنده ورد فيما كانت الكفاية فيه بهذا القدر، وتنبيها على الوسط والغالب. قال: وذكر مسلم فى سند هذا الحديث: عن خالد الحذاء، عن يوسف بن عبد الله، عن أبيه، [وعند ابن ماهان: سفيان بن عبد الله (١)]، وهو تصحيف، إنما هو يوسف بن عبد الله وهو يوسف بن عبد الله بن الحارث بن أخت ابن سيرين.