للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(٥١) باب كراهة الاستعانة فى الغزو بكافر]

١٥٠ - (١٨١٧) حدّثنى زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِىٍّ، عَنْ مَالِكٍ. ح وَحَدَّثَنِيهِ أَبُو الطَّاهِرِ - وَاللَّفْظُ لَهُ - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، عَنْ مَالِك بْنِ أَنَسٍ، عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ أَبِى عَبْدِ اللهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ نِيَارٍ الأَسْلَمَىِّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الْزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ أَنَّهَا قَالَتْ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِبَلَ بَدْرٍ، فَلَمَّا كَانَ بِحَرَّةِ الْوَبَرَةِ أَدْرَكَهُ رَجُلٌ قَدْ كَانَ يُذْكَرُ مِنْهُ جُرْأَةٌ وَنَجْدَةٌ، فَفَرِحَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ رَأَوْهُ، فَلَمَّا أَدْرَكَهُ قَالَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: جِئْتُ لأَتَّبِعَكَ وَأُصِيبَ مَعَكَ. قَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " تُؤْمِنُ بِاللهِ وَرَسُولِهِ؟ ". قَالَ: لا. قَالَ: " فَارْجِعْ، فَلَنْ أَسْتَعِينَ بِمُشْرِكٍ ". قَالَتْ: ثُمَّ مَضَى، حَتَّى إذَا كُنَّا بِالشَّجَرَةِ أَدْرَكَهُ الرَّجُلُ، فَقَالَ لَهُ كَمَا قَالَ أَوَّلَ مَرَّة.

فَقالَ لَهُ النَّبِىُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا قَالَ أَوَّلَ مَرَّةٍ. قَالَ: " فَارْجِعْ فَلَنْ أَسْتَعِينَ بِمُشْرِكٍ ". قَالَ: ثُمَّ رَجَعَ فَأَدْرَكَهُ بِالْبَيْدَاءِ، فقَالَ لَهُ كَمَا قَالَ أَوَّلَ مَرَّةٍ: " تُؤْمِنُ بِاللهِ وَرَسُولِهِ؟ ". قَالَ: نَعَمْ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فَانْطَلِقْ ".

ــ

وقوله: " فلما كان بحرة الوبرة ": كذا هو بفتح الباء هنا عندنا، وكذا ضبطناه عن شيوخنا فى كتاب مسلم. وقد ضبطه بعضهم بسكون الباء. وهو موضع على نحو أربعةَ أميال من المدينة.

وقول النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - للذى قال له: جئت لأتبعك وأصيب معك -: " ارجع فلن أستعين بمشرك " كافة العلماء على الأخذ بهذا الحديث، والتمسك بهذه السنة، وهو قول مالك وغيره. وقال مالك وأصحابه: ولا بأس أن يكونوا نواتية وخدّاماً. قال ابن حبيب: ويستعملون فى رمِى المجانيق. وكره رميهم بالمجانيق غيره من أصحابنا، وأجاز ابن حبيب أن يستعمل من سالمه فى قتال من حاربه منهم، ويكونوا ناحية من عسكره لا فى داخله. وقال بعض علمائنا: إنما قال النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هذا فى وقت مخصوص لا على العموم. واختلفوا بعد إذا استعين بهم ما يكون لهم؟ فذهب الكافة - مالك والشافعى وأبو حنيفة وأبو ثور - إلى أنه لا يسهم لهم. وذهب الزهرى والأوزاعى إلى أن لهم كسهام المسلمين. وهو قول سحنون، إذا كان جيش المسلمين إنما قوى بهم، وإلا فلا شىء لهم. وقال الشافعى مرة: لا يعطوا من الفىء شيئاً، ويعطوا من سهم النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وقال قتادة: لهم ما صولحوا عليه فى ذلك (١).


(١) انظر: المغنى ١٣/ ٩٧ - ١٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>