للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(١٣) باب الابتداء فى النفقة بالنفس ثم أهله ثم القرابة]

٤١ - (٩٩٧) حدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، عَنْ أَبِى الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: أَعْتَقَ رَجُلٌ مِنْ بَنِى عُذْرَةَ عَبْدًا لَهُ عَنْ دُبُرٍ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: " أَلَكَ مَالٌ غَيْرُهُ؟ " فَقَالَ: لا. فَقَالَ: " مَنْ يَشْتَرِيهِ مِنِّى؟ "، فَاشْتَرَاهُ نُعَيْمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْعَدَوِىُّ بِثَمَانِمائَةِ دِرْهَمٍ، فَجَاءَ بِهَا رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَفَعَهَا إلَيْهِ. ثُمَّ قَالَ: " ابْدَأ بَنَفْسِكَ فَتَصَدَّقْ عَلَيْهَا، فَإِنْ فَضَلَ شىْءٌ فَلأَهْلِكَ، فَإِنْ فَضَلَ عَنْ أَهْلِكَ شَىْءٌ فَلِذِى قَرَابَتِكَ، فَإِنْ فَضَلَ عَنْ ذِى قَرَابَتِكَ شَىْءٌ فَهَكَذَا وَهَكَذَا " يَقُولُ: فَبَيْنَ يَدَيْكَ وَعَنْ يَمِينِكَ وَعَنْ شِمَالِكَ.

ــ

قال الإمام فى الحديث الذى فيه بيع النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للمدبر: يحتج به الشافعى، وتأوله أصحابنا على أن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنما باعه عليه فى الدّين، والذى فى كتاب مسلم تقوية للشافعى؛ لأنه ذكر فيه أنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال له: " ابدأ بنفسك فتصدق عليها، فإن فضل شىءٌ فلأهْلك "، ولو كان بيعٌ للدَّين لقضى الثمن للغرماء ولم يأمره أن يفعل فيه ما ذكره، والشافعى أحل المدبر فى البيع محل الموصى بعتقه، وأصح ما فرق به أصحابنا بينهما: أن ذلك مبنىٌ (١) على المقاصد. والتدبير عندهم علامة على أنه قَصَدَ ألا يرجع فى هذا الفعل ولا يحله، وليس كذلك الوصيَّة، ولو صرّح فى الوصيّة بأنه لا يرجع فيها لشابهَتْ التدبر.

قال القاضى: ينفصل عن الشافعى فيما وُجِّه. له من قوله: " ابدأ بنفسك " أى بحقوق نفسك، والدين من أحد (٢) الحقوق على النفس وأوجبها فى الدنيا والآخرة، وليس فى دفعه إليه دون الغرماء ما يقتضى أخذه [له] (٣) لنفسه ليأكله، بل ليؤدّيَه إلى غرمائه ويقضيهم حقوقهم وإنما يكون ذلك للإمام، ولا يمكّن الديان من ماله إذا تم تفليسه وحجب عن ماله، وليس فى هذا الحديث ما يدل أن الرجل كان بهذه الصفة، ولعل ثمن الغلام بقدر الدين، فلا يكون مفلسًا.

وفى قوله: " فإن فضل شىء فلأهلك، فإن فضل عن أهلك فلِذى قرابتك ": حجة


(١) فى س: مبين، والمثبت من الأصل، ع.
(٢) فى س: أكبر.
(٣) ساقطة من س.

<<  <  ج: ص:  >  >>