للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٦) باب الأمر بالإيمان بالله تعالى ورسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وشرائع الدين والدعاء إليه، والسؤال عنه، وحفظه، وتبليغه من لم يبلغه

٢٣ - (١٧) حدّثنا خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبى جَمْرَةَ؛ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنُ عَبَّاسٍ. ح وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، وَاللَّفْظُ لَهُ، أَخْبَرَنَا عَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ، عَنْ أَبِى جَمْرَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ قَالَ: قَدِمَ وَفْدُ عَبْدِ الْقَيْسِ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّا هَذَا الحَىَّ مِنْ رَبِيعَة، وَقَدْ حَالَتْ بَيْننَا وَبَيْنَكَ كُفَّارُ مُضَر، فَلا نَخْلُصُ إِلَيْكَ إِلا فِى شَهْرِ الْحَرَامِ، فَمُرْنَا بِأَمْرٍ نَعْمَلُ بِهِ، وَنَدْعُو إِلَيْهِ مَنْ وَرَاءَنَا. قَالَ: " آمُرُكُمْ بِأَرْبَعٍ، وَأَنْهَاكُمْ عَنْ أَرْبَعٍ: الإِيْمَانِ بِاللهِ - ثُمَّ فَسَّرَهَا لَهُمْ فَقَالَ -: شَهَادةِ أَن لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ

ــ

وقوله فى حديث عبد القيس: " آمركم بأربع، وأنهاكم عن أربع؛ الإيمان بالله، ثم فسَّرَها لهم فذكر الشهادتين والصلاة والزكاة وأداء الخمس وفى بعض طرقه: " أمرهم بأربع، ونهاهم عن أربع، أمرهم بالإيمان بالله وحده، وقال: هل تدرون ما الإيمان؟ شهادة أن لا إله إلا الله، وذكر الصلاة والزكاة والصوم وأداء الخُمس " (١)، وفى رواية أخرى: " اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وذكر الصلاة والزكاة والصوم وأداء الخُمس " (٢)، قال الإمام: ظن بعض الفقهاء أن فى هذا دلالة على أن الصلاة والزكاة من الإيمان، خلافاً للمتكلمين من الأشعرية القائلين بأن ذلك ليس من الإيمان (٣)، وهذا الذى ظنه غير صحيح؛ لاحتمال أن يكون الضمير فى قوله: ثم فسرها لهم (٤) عائداً على الأربع لا على الإيمان كما ظن هذا الظان، ويحتمل فى الحديث الثانى أن يكون قوله: " وأقام الصلاة " معطوفاً على الأربع.


(١) وهو طريق أبى بكر بن أبى شيبة هنا، غير أن لفظه: " فأمرهم ".
(٢) وهو طريق يحيى بن أيوب.
(٣) وكذلك أبو حنيفة وأصحابه، مقالات ١٣٨.
والأشعرية هم: أصحاب أبى الحسن على بن إسماعيل الأشعرى المنتسب إلى أبى موسى الأشعرى صاحب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكان -كما يقول الذهبى- عجباً فى الذكاء وقوة الفهم، ولما برع فى معرفة الاعتزال كرهه وتبرَّأ منه. مات ببغداد سنة أربع وعشرين وثلاثمائة.
قال الذهبى: رأيت للأشعرى كلمة أعجبتنى، وهى ثابتة، رواها البيهقى، سمعت حازم العبدَوىَّ، سمعت زاهر بن أحمد السرخسى يقول: لما قربَ حضور أجل أبى الحسن الأشعرى فى دارى ببغداد دعانى فأتيته، فقال: اشهد علىَّ أَنى لا أكفّرُ أحداً من أهل القبلة؛ لأن الكلَّ يشيرون إلى معبود واحد، وإنما هذا كله اختلاف عبارات. سير ١٥/ ٨٥ - ٨٨.
وإنما قال الأشعريون -كغيرهم من أئمة السنة- فى الإيمان: إنه التصديق بالقلب، وإن التصديق باللسان والعمل على الأركان ففروعه، وذلك فرارًا من التكفير بالمعصية، وهو الذى أوقع المعتزلة فيما وقعوا فيه لما قالوا: إن الإيمان هو جميع الطاعات. مقالات ٢٦٦، الملل والنحل ١/ ١٠٧.
(٤) فى الأصل: له، وصححت بهامش ت، وفى المعلم على الصواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>