وقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى الإمارة:" يا أبا ذر، إنك ضعيف، وإنها أمانة، وإنها يوم القيامة خزى وندامة إلا من أخذها بحقها، وأدى الذى عليه فيها "، وقوله:" إنى أحب لك ما أحب لنفسى، لا تأمرن على اثنين، ولا تولين مال يتيم ": تشديد فى الحض على البعد من هذا، لاسيما لمن يخيل فيه الضعف عن القيام بها. وواضح المعين فى أن الخزى والندامة إنما هو لمن لم يعدل فيها ولا قام بما يجب عليه، فيفضحه الله ويخزيه يوم القيامة، ويندم على ما فرط منه (١)، وإلا فقد جاء فى الإمام العادل من الفضل والثواب ما جاء، لكن لكثرة الحظر فى أمرها وشدة العهدة، وعظم الإمانة فيها ما رغبه عنها، وزهده فيها، وحضه على تركها؛ لما خافه عليه من الضعف عنها حتى قرر عنده بمحض نصحه له فى ذلك، وأنه إنما يحب له ما يحب لنفسه من الخير ودفع الضرر.
قال الإمام: وذكر مسلم فى سند هذا الحديث: نا عبد الملك بن شعيب بن الليث، قال: نا أبى، نا الليث، قال: نا يزيد بن أبى حبيب، عن بكر بن عمرو، عن الحارث بن يزيد. هكذا روى هذا الإسناد عن أبى أحمد الجلودى، ووقع عند ابن ماهان: حدثنى يزيد بن أبى حبيب وبكر بن عمرو، بواو العطف، والصواب: عن بكر بن