للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(١٠) باب جواز الخطوة والخطوتين فى الصلاة]

٤٤ - (٥٤٤) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، كِلاهُمَا عَنْ عَبْدِ العَزِيزِ، قَالَ يَحْيَى: أَخْبَرَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ أَبِى حَازِمٍ، عَنْ أَبِيهِ؛ أَنَّ نَفَراً جَاؤُوا إِلى سَهْلِ بْن سَعْدٍ، قَدْ تَمَارَوا فِى المِنْبَر (١)، مِنْ أَىِّ عُودٍ هُوَ؟ فَقَالَ: أَمَا وَاللهِ، إِنِّى لأَعْرِفُ مِنْ أَىِّ عُودٍ هُوَ، وَمَنْ عَمِلهُ، وَرَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوَّلَ يَوْمٍ جَلسَ عَليْهِ. قَالَ: فَقُلْتُ لهُ: يَا أَبَا عَبَّاسٍ، فَحَدِّثنَا. قَالَ: أَرْسَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلى امْرَأَةٍ - قَالَ أَبُو حَازِمٍ: إِنَّهُ ليُسَمِّيها يَوْمَئِذٍ -: " انْظُرِى غُلامَكِ النَّجَّارَ، يَعْمَلْ لِى أَعْوَادًا أُكُلمُ النَّاسَ عَليْهَا ". فَعمِلَ هَذِهِ الثَّلَاثَ دَرَجَاتٍ، ثُمَّ أَمَرَ بِهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَوُضعَتْ هَذَا المَوْضِعَ. فَهِىَ مِنْ طَرْفَاءِ الغَابَةِ (٢)، وَلقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ عَليْهِ فَكَبَّرَ وَكَبَّرَ النَّاسُ وَرَاءَهُ، وَهُوَ عَلى المِنْبَرِ. ثُمَّ رَفَعَ فَنَزَلَ القَهْقَرَى حَتَّى سَجَدَ فِى أَصْلِ المِنْبَرِ، ثُمَّ عَادَ حَتَّى فَرَغَ مِنْ آخِرِ صَلاتِهِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلى النَّاسِ فَقَالَ: " يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّى صَنَعْتُ هَذَا لِتَأْتَمُّوا بِى، وَلِتَعْلمُوا صَلَاتِى ".

ــ

قال الإمام: وذكر مسلم الحديث: " أن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى على المنبر وترك القهقرى حتى سجد فى أصل المنبر، ثم عاد حتى فرغ من آخر الصلاة (٣) " قال: وأهل العلم ينهون أن يصلى الإمام على أرفع مما عليه أصحابه (٤)، وفعله هذا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يحتمل أن يكون؛ لأن الارتفاع كان يسيراً، ويصلح أن يقال: إنما منع هذا فى أئمتنا؛ لأنه ضرب من الكبر والتراؤس، وهو صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ معصوم من هذا والأشبه ما علل به - عليه السلام - فى الحديث، من أنه إنما فعله ليعلمهم الصلاة، ونزوله - عليه السلام - القهقرى لئلا يستدبر القبلة فى الصلاة من غير ضرورة، وأما نزوله وصعوده - وإن كان عملاً فى الصلاة - فإنه لمصلحة [الصلاة] (٥) فلم يكن له تأثير، وقد أجاز أهل العلم المشى لغسيل دم الرعاف وإن كان فى الصلاة.

قال القاضى: قال أحمد بن حنبل: لا بأس أن يكون الإمام أعلا مما عليه أصحابه لهذا الحديث، ومالك يمنعه، [وما تقدم من هذا وما يجوز منه وما يمنع. وفى هذا الحديث


(١) المنبر مشتق من النبر، وهو الارتفاع.
(٢) طرفاء الغابة: الطرفاء شجر، وهى أربعة أصناف: منها الأثل، الواحدة طرفاءة، والغابة: غيضة ذات شجر كثير من عوالى المدينة.
(٣) الذى فى المطبوعة: صلاته.
(٤) دفعاً للغرور.
(٥) من ت.

<<  <  ج: ص:  >  >>