للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(٣٦) باب بيان كون الإيمان بالله تعالى أفضل الأعمال]

١٣٥ - (٨٣) وحدّثنا مَنْصُورُ بْنُ أَبِى مُزَاحِمٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ. ح وَحَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ زِيَادٍ. أَخْبَرَنا إِبْرَاهِيمُ - يَعْنِى ابْنِ سَعْدٍ - عَنِ ابْن شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّب، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ؛ قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَىُّ الأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: " إِيمانٌ بِاللهِ ". قَالَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: " الْجِهَادُ فِى سَبِيلِ اللهِ ". قَالَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: " حَجٌّ مَبْرُورٌ ". وَفِى رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ قالَ: " إِيمَانٌ بِاللهِ وَرَسُولِهِ ".

وَحَدَّثَنِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهَرِىِّ، بِهذَا الإِسْنادِ، مِثْلَهُ.

ــ

وقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقد سئل: أى الأعمال أفضل؟ قال: " إيمان بالله " (١): فجعله من العمل، والإيمان غيرُ العمل فى عُرف الكلام، وإن كان فى الحقيقة من الأعمال. وقد فرق بين الإيمان والأعمال فى الكتاب وفى أحاديث أخر، وأطلق اسم الإيمان مجرداً على التوحيد وعمل القلب، والإسلام على النطق وعمل الجوارح. وأطلق الشرع فى غير موضوع الإيمان على العمل. وقد تقدم أن حقيقة الإيمان مجرد التصديق المطابق للقول والعقد، وتمامه بتصديق العمل بالجوارح، فهذا أجمعوا أنه لا يكون مؤمنٌ تام الإيمان إلا باعتقاد وقول وعمل، وهو الإيمان الذى ينجى رأساً من نار جهنم، ويعصم المال والدم.

وإذا كان هكذا من الارتباط والاشتراط صلح إطلاق اسم الإيمان على جميعها وعلى بعضها من عقد أو قول أو عمل.

وعلى هذا فلا يشك أن التصديق والتوحيد أفضل الأعمال، إذ هو شرط فيها، وقد يحتمل أن يشير بقوله: " أفضل الأعمال الإيمان بالله ورسوله " إلى الذكر الخفى وتعظيم حق الله ورسوله وإدامة ذكر الله وتفهم كتابه وتدبر آياته، وهى من أعمال القلب ومحض الإيمان - كما جاء فى الحديث الآخر -: " خير الذكر الخفى " (٢).


(١) ووجه كون الإيمان أفضل الأعمال: أن متعلق الإيمان الله ورسوله وكتابه، وشرف الصفة يشرف متعلقها.
(٢) الحديث جزء حديث لأحمد أخرجه عن سعد بن مالك، وتمامه: " خير الذكر الخفى، وخير الرزق ما كفى " ١/ ١٧٢، ١٨٠، ١٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>