للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(٤٦) باب بيان غلظ تحريم إسبال الإزار والمن بالعطية وتنفيق السلعة بالحلف، وبيان الثلاثة الذين لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم]

١٧١ - (١٠٦) حدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَلِىِّ بْنِ مُدْرِكٍ، عَنْ أَبِى زُرْعَةَ، عَنْ خَرَشَةَ بْنِ الْحُرِّ، عَنْ أَبِى ذَرٍّ، عَنِ النَّبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " ثَلاثَةٌ لا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلا يَنْظُرُ إلَيْهِمْ، وَلا يُزَكِّيهِمْ، وَلَهُمْ عَذَابٌ ألِيمٌ " قَالَ: فَقَرَأهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلاثَ مِرَارٍ.

ــ

وقوله: " ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ... " الحديث: هذا مثل قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلا} الآية (١). معنى: " لا يكلمهم الله ": أى بكلام أهل الخير وإظهار الرضا والبر، بل بكلام أهل السخط والغضب، وقيل: لا يسمعهم كلامه بغير سفير، وقيل: معنى ذلك الإعراض والغضب، وهو معنى لا ينظر إليهم، ونظر الله لعباده رحمته لهم وعطفه عليهم (٢).

وقوله: " ولا يزكيهم ": قال الزجاج: لا يثنى عليهم، ومن لم يثن عليه خيرًا عذبه، وقيل: لا يُطهرهم من خبيث (٣) أعمالهم لعظم جرمهم؛ لأن ذنوبهم جمعت ذنوبًا كبيرة (٤).


(١) آل عمران: ٧٧. والمعنى كما ذكر الحافظ ابن كثير: " إن الذين يعتاضون عما عهدهم الله عليه من اتباع محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وذكْر صفته للناس وبيان أمره، وعن أيمانهم الكاذبة الفاجرة الآثمة بالأثمان القَليَلة الزهيدة فـ {أُوْلَئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ}، أى لا نصب لهم فيها، ولا حظ لهم منها {وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلا يَنظُرُ إلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} أى برحمة منه لهم. بمعنى لا يكلمهم كلام لطف بهم، ولا ينظر إليهم بعين الرحمة {ولا يُزَكِّيهِم} أى من الذنوب والأدناس ". تفسير القرآن العظيم ٢/ ٥١.
(٢) قال لأبى: " لا يكلمهم ولا يزكيهم لا يتعين فيهما التأويل لصحة النفى فيهما، ويتعين فى لا ينظر إليهم لأنه تعالى يرى كل موجود ". الإكمال ١/ ٢١٤.
(٣) فى ت: خبث.
(٤) فى ت: كثيرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>