للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ أَبُو ذرٍّ: خَابُوا وَخَسِرُوا، مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: " الْمُسْبِلُ، وَالْمَنَّانُ، وَالْمُنَفِّقُ سِلْعَتَهُ بِالْحَلِفِ الْكَاذِبِ ".

(...) وحدّثنى أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلادِ الْبَاهِلىُّ. حَدَّثَنَا يَحْيَى - وَهُوَ الْقَطَّانُ - حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ الأَعْمَشُ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُسْهِرٍ، عَنْ خَرَشَةَ بْنِ الْحُرِّ، عَنْ أَبِى ذَرٍّ، عَنِ النَّبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " ثَلاثَةٌ لا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: الْمَنَّانُ الَّذِى لا يُعْطِى شَيئًا إلا مَنَّهُ، وَالْمُنَفِّقُ سِلْعَتَهُ بِالْحَلِفِ الْفَاجِرِ، وَالْمُسْبِلُ إزَارَهُ ".

وَحَدَّثَنِيهِ بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ - يَعْنِى ابْنَ جَعْفَرٍ - عَنْ شُعْبَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ، بهذَا الإِسْنَادِ. وَقَالَ: " ثَلاثَةٌ لا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ ولاَ يَنْظُرُ إلَيْهِمْ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ ألِيمٌ ".

ــ

وقوله: " المسبل إزاره ": أى المرخى له، الجارُّ طرفه خُيَلاء كما جاء مفسرًا فى الحديث الآخر: " لا يُنظر الله إلى من يُجرُّ ثوبه بطرًا " (١) وفى آخر (٢): " إزاره خُيلاء " والخيلاء: الكبر، وقد تقدم قول من قال: إنه لا يكون إلا مع جرّ الإزار، قال الله تعالى: {وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} (٣).

وتخصيص جرّه على وجه الخُيلاء يدلُ أن من جرَّه لغير ذلك فليس بداخل تحت الوعيد، وقد رخص فى ذلك النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأبى بكر الصديق - رضى الله عنه - وقال: " لسْتَ منهم " (٤)؛ إذ كان جَرُّه إيَّاه لغير الخيلاء، بل لأنه كان لا يثبتُ على عاتقه.


(١) قريب من لفظ أحمد، فقد أخرجه فى المسند ٢/ ٦٩ عن ابن عمر بلفظ: " لا ينظر الله إلى الذى يجرُّ إزاره خيلاء "، وعن أبى هريرة ١/ ٤٦٧ بلفظ: " لا يُنظر الله عز وجل إلى الذى يجر إزاره بطرًا ".
والإزار: ما يتحزم به، وكانت العرب لا تعرف السراويلات. ذكر ابن عبد ربه أن أعرابيًا وجد سراويل، فأخرج يديه من ساقيه وجعل يلتمس من أين يخرج رأسه فلم يجد، فرمى به وقال: إنه لقميص شيطان. إكمال ١/ ٢١٤.
(٢) فى ت: أخرى.
(٣) الحديد: ٢٣.
(٤) الحديث بهذا اللفظ جزء حديث، أخرجه أحمد والطبرانى فى الأوسط بإسنادين أحدهما رجاله رجال الصحيح، وتمامه عن ابن عمر أن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رآه وعليه إزار يتقعقع - يعنى جديدًا - فقال: " من هذا؟ " فقلت: أنا عبد الله، فقال: " إن كنت عبد الله فارفع إزارك " قال: فرفعته، قال: " زد " قال: فرفعته حتى بلغ نصف الساق، قال: ثم التفت إلى أبى بكر فقال: " من جَرَّ ثوبه من الخيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة ". فقال أبو بكر: إنه يترخى إزارى أحيانًا، فقال النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لست منهم " أحمد =

<<  <  ج: ص:  >  >>