للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(١٩) باب السهو فى الصلاة والسجود له]

٨٢ - (٣٨٩) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، قَالَ: قَرَأْتُ عَلى مَالِكٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ

ــ

قال الإمام: أحاديث السهو كثيرة، والثابت منها عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خمسة أحاديث؛ حديث أبى هريرة وحديث أبى سعيد الخدرى، وهما جميعاً فيمن شك كم صلى؟ وذكر فى حديث أبى هريرة: أنه سجد سجدتين، ولم يذكر موضعهما، وفى حديث أبى سعيد: أنه سجد قبل السلام، وقد طعن فى سند حديث أبى سعيد أن مالكاً أرسله، وأسند غيره من المحدثين وهذا غير قادح فيه؛ لأنه قد عُلم من عادة مالك وتحصيله أنه يرسل الأحاديث المسندة ثقة بأنه قد علم من عادته، وأن ذلك لا يوقع فى النفوس منه استرابة. ومن الخمسة أيضاً حديث ابن مسعود، وفيه القيام إلى خامسة والسجود بعد السلام، وحديث ذى اليدين، وفيه السلام من اثنتين والسجود [بعد السلام، وحديث ابن بحينة، وفيه القيام من اثنتين والسجود] (١) قبل السلام.

وقد اختلف الناس فى طريق الأخذ بهذه الأحاديث، فأما داود فلم يقس عليها، وقال: إنما يستعمل ذلك فيما ورد فيه من الصلوات على حسب الترتيب فى مواضع السجود المذكورة، وقال ابن حنبل كقول داود فى هذه الصلوات خاصة، وخالفه فى غيرها، وقال: ما وقع فيها من سهو، فإن السجود كله قبل السلام، واختلف من قاس [عليها] (٢) من الفقهاء سواهما عليها (٣)، فبعضهم قال: إنما تفيد هذه الأحاديث التخيير، وللمكلف أن يفعل أىَّ ذلك شاء من السجود، قبل أو بعد، فى نقص أو زيادة. وقال أبو حنيفة: الأصل فيه السجود بعد السلام، ورد بقية الأحاديث إليه. [وقال الشافعى: الأصل فيه السجود قبل، ولا بقية الأحاديث إليه] (٤)، ورأى مالك أن ما فيه النقص يكون السجود فيه قبل السلام، وأن ما فيه الزيادة يكون فيه السجود بعد. فإن تلك الزيادة إشارة إلى أن العلة هى الزيادة، فاما الشافعى فطريقه فى البناء أن يقول: ذكر فى حديث أبى سعيد الخدرى أنه قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فإن كانت خامسة شفعها "، ونص فيه على السجود قبل، مع تقدير الزيادة وجوازها، والمقدر حكمه كالموجود، ويتأول بحديث ابن مسعود الذى فيه السجود بعد السلام، على أنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنما أُعلم بسهوه بعد أن سلم، ولو اتفق أن يعلم ذلك قبل أن يسلم


(١) سقط من الأصل، واستدرك بالهامش بسهم.
(٢) ساقطة من ت.
(٣) فى الأصل فيها، والمثبت من ت.
(٤) سقط من الأصل، واستدرك بالهامش بسهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>