للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(١٥) باب حكم الفىء]

٤٧ - (١٧٥٦) حدَّثنا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، قَالا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ. قَالَ: هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَذَكَرَ أَحَادِيثَ مِنْهَا: وَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَيُّمَا قَرْيَةٍ أَتَيْتُمُوهَا، وَأَقَمْتُمْ فِيهَا، فَسَهْمُكُمْ فِيهَا، وَأَيُّمَا قَرْيَةٍ عَصَتِ اللهَ وَرَسُولَهُ، فَإِنَّ خُمسَهَا للهِ وَلِرَسُولِهِ، ثُمَّ هِىَ لَكُمْ ".

ــ

وقوله: " أيما قرية أتيتموها وأقمتم فسهمكم فيها، وأيما قرية عصت الله ورسول الله فإن خمسها لله ورسوله ": يحتمل أن يكون الأول فى النفى مما لم يوصف عليه بخيل ولا ركاب مما أجلى عنه أهله أو مما لحق عليه، فيكون حقهم فيها، أى قسمهم فى العطاء، ويكون المراد بالثانى ما فيه الخمس مما أخذ عنوة. ولم يختلف العلماء أنه لا خمس فى الفىء إلا الشافعى وحده، وقد خالفه بعض أصحابه فى ذلك.

وقوله: " فخمسها لله ورسوله ثم هى لكم " مثل قوله فى الحديث الآخر: " مالى مما أفاء الله عليكم إلا الخمس وهو مردود عليكم " (١). وقد اختلف العلماء فى معنى قوله عز وجل: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُول} (٢) فقيل: " لله " هنا استفتاح كلام للتبرك باسمه تعالى؛ إذ كل شىء لله تعالى، قال: وللرسول سهم يختص به، غاب أو حضر. وقيل: خمس الله وخمس الرسول واحد، ويخمس الخمس على خمسة أخمس: خمس لله وللرسول، وخمس لذوى القربى، وخمس لليتامى، وخمس للمساكين، وخمس لابن السبيل. وهذا قول الشافعى.

وقيل: " لله ورسوله " أى مما يقرب لله ورسوله، أو الحكم فيه لله ورسوله، ويفرق سائره على اجتهاد الإمام فى أقرباء رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وغيرهم، وليس هو مقسوم على السهام، وأن المراد بمن سمى فى الآية من يجوز ذلك من الأصناف لا على القسمة عليه، وان شاء أوقفه لنوائب المسلمين، وهو قول مالك وأصحابه. وقيل: معناه: خمس واحد كان يعزله النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ويقسم الأربعة بين الناس، ثم يقبض على الخمس. فما خرج بيده جعله للكعبة، فهذا هو المسمى لله، ثم يقسم بقية الخمس المعزول؛ سهم منه للنبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يخصه، وسهم لذى القربى، وسهم لليتامى، وسهم للمساكين، وسهم لابن السبيل.


(١) أبو داود، ك الجهاد، ب فى الإمام يستأثر بشىء من الفىء لنفسه ٢/ ٧٤، ٧٥، أحمد ٤/ ١٢٨، مالك فى الموطأ، ك الجهاد، ب ما جاء فى الغلول ٢/ ٤٥٧ (٢٢).
(٢) الأنفال: ٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>