للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(١٣) باب حجة من قال: لا يجهر بالبسملة]

٥٠ - (٣٩٩) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ، كِلَاهُمَا عَنْ غُنْدَرٍ، قَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شَعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَنَسٍ قَالَ:

ــ

وقوله: " صليت مع النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبى بكر وعمر وعثمان فلم أرَ أحدًا منهم يقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم "، قال الإمام: تعلق أصحابنا بهذا في أن " بسم الله الرحمن الرحيم " ليست من أم القرآن، خلافًا للشافعى فى قوله: إنها آية من أم القرآن، والإجماع على أنها بعض آية من سورة النمل في قوله تعالى: {إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم} (١). وقد أشبع القاضى أبو بكر الرد فى " كتاب الانتصار " على من قال: إنها من القرآن فى غير هذا الموضع، وبسط من ذلك ما فيه كفاية، وإنما عرضنا هاهنا الكلام على ما تعلق بالحديث.

قال القاضى: أدخل مسلم هذا الحديث والحديث الآخر: " كانوا يستفتحون بالحمد لله رب العالمين لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم "، ثم أدخل بعد ذلك في حديث أنس فى الحوض وقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أنزلت على سورة فقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكوْثَر} (٢) (٣) ": تنبيه على حجة المخالف، وقد اختلف أصحاب الشافعى في قوله: لا أدرى آية من أم القرآن أم لا (٤)؟ أهو شك؟ هل هى منها أم شك في أنها آية؟ أو بعضها مع قطعه على أنها من أم القرآن تلاوة وحكمًا؟ وقيل عنه: إنها عنده من أم القرآن حكمًا لا قطعًا (٥). واختلف الفقهاء بعد ذلك ممن جعلها آية وممن لم يجعلها في قراءتها فى الصلاة أو تركها. والجهر بها أو الإسرار فمشهور مذهبنا: أنه لا يقرؤها فى الفرائض


(١) النمل: ٣٠.
(٢) الكوثر: ١.
(٣) سيأتى برقم (٥٣) من نفس الكتاب.
(٤) المحفوظ عن الإمام الشافعى في تلك المسألة وعن أصحابه قولان: أحدهما. أنها آية من فاتحة الكتاب دون غيرها من السور التى أثبتت في أوائلها، والقول الآخر: هى آية فى أول كل سورة. وما ذكره القاضى منسوبًا إلى الإمام الشافعى إنما هو لأصحاب أبى حنيفة عن أبى حنيفة. راجع: التمهيد ٢٠/ ٢٠٧.
(٥) لأن الدليل لها دليل ظنى؛ فإن الذين أثبتوها قالوا: إن المصحف لم يثبت الصحابة فيه ما ليس من القرآن؛ لأنه محال أن يضيفوا إلى كتاب الله ما ليس منه، ويكتبوه بالمداد كما كتبوا القرآن، هذا ما لا يجوز أن يضيفه أحدٌ إليهم. معرفة السنن والآثار ٢/ ٣٦٤.
كما احتجوا بحديث ابن عباس الذى أخرجه أبو داود قال: كان النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يعرف فصل السورة حتى ينزل عليه " بسم الله الرحمن الرحيم "، وكذا أخرجه النسائى عن أنس السابق ٢/ ٢١٠، وانظر: سنن أبى داود، ك الصلاة، ب من جهر بها ١/ ٢٠٩، النسائى فى الصلاة، ب قراءة بسم الله الرحمن الرحيم وكذا المستدرك ١/ ٢٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>