وقوله:" يمينك على ما يصدقك عليه صاحبك " وفى الحديث الآخر: " اليمين على نية المستحلف " قال الإمام - رحمه الله -: المتبرع باليمين الذى لم يرفع به عن نفسه حقاً، يمينه على نيته وإن استحلفه الطالب فى حق عليه، فاختلف فيه، هل يكون اليمين على نيته أو على نية المستحلف؟ إلا أن يكون عليه بينة فيما يقضى عليه به السلطان فلا يصدق لأجل شهادة البينة، ولا يرجع الحاكم عن القضاء بموجب قولهما إلى القضاء بموجب قوله بمجرد دعواه. فمن رد الأمر لنية المستحلف تعلق بظاهر هذا الحديث. ومن رده إلى نية الحالف حمله على استحلافه فى حق له عليه مما يقضى عليه به، وليس هناك بيّنة عليه يتعلق بقوله:" وإنما لامرئ ما نوى ".
قال القاضى - رحمه الله -: لا خلاف نعلمه بين العلماء فى الحالف غير مستحلف فيما بين العبد وربه، مما لم يتعلق به حق لآدمى، ولا ما فيه حق لغيره إذا جاء مستغيثًا، ولم تقم عليه بيّنة إن لم ينته ويقبل قوله. وأما إن حلف لغيره فى حق أو وثيقة متبرعًا أو مقضى عليه، فلا خلاف أنه يحكم عليه بظاهر يمينه إذا قامت عليه بيّنة، حلف متبرعًا أو مستحلفًا.
وأما فيما بينه وبين الله فاختلف هنا اختلافًا كثيرًا. فقيل: على نيّة المحلوف له وللمتطوع نيته، وهو قول سحنون وعبد الملك، وظاهر قول مالك وابن القاسم. وقيل عكسه، للمستحلف نيته، والمتطوع على نية المحلوف له، وهى رواية يحيى عن ابن القاسم. وقيل: ينفقه فيما لا يقضى به عليه ويفترق المتطوع وغيره فيما يقضى به عليه، وروى عن ابن القاسم أيضاً. وروى عن مالك أن ما كان من ذلك على وجه المكر والخديعة فهو فيه حانث آثم، وما كان على وجه العذر فلا بأس به. وقال ابن حبيب عن مالك: ما كان فى المكر والخديعة فله نيته، وما كان فى حق فنيّة المحلوف له. ولا خلاف فى إثم الحالف بما يقتطع به حق غيره وإن ورّى، قالوا: وهو آثم حانث فى يمينه.
وفى الباب: نا أبو بكر بن أبى شيبة، قال: نا يزيد بن هارون، قال: نا هشيم،