وقوله - عليه السلام - للذى كان يُخْدَعُ فى البيوع:" إذا بايعت فقل لا خلابة "، وكان إذا بايع يقول:" لا خيابة ": كذا هى الكلمة الأخيرة بياء باثنتين من تحتها بدل اللام عند أكثر شيوخنا فى هذا الحديث فى مسلم وغيره، وهو الصحيح؛ لأنه كان أنفع، وعبر بعضهم:" لا خيانة " بالنون، وهو تصحيف، وفى بعض الروايات فى غير مسلم: وكان يقول: " لا خذاب " بالذال المعجمة.
قال الإمام: غبن المسترسل وهو المستسلم لبيعه ممنوع، وإذا وقع فله القيام ولا يلزمه الغبن، وإن لم يستسلم لبيعه وماكَسه، وكان بصيرًا بالقيمة عارفاً بها فلا قيام له؛ لأنه يكون حينئذ كالواهب لما غبن فيه. وإن كان غير بصير بالقيمة فهذا موضع اختلاف الأئمة، وقد تجاذبوا الاستدلال بالكتاب والسنة، واستدلوا أجمعون بقوله تعالى:{لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُم}(١)، فقال من أثبت الخيار بالمغابنة: إن أمضاها عليه أكل المال بالباطل فقد نهت عنه هذه الآية، وقال: من أمضى البيع عليه فإن ذلك عن تراض، وقد استثنته هذه الآية. وكذلك - أيضاً - تجاذبوا هذا الحديث، فقال بعضهم: فإنه - عليه السلام - أثبت له الخيار فى بعض طرق هذا الحديث. وذلك يدل على ما قلناه من إثبات الخيار للمغبون. وقال من أمضى عليه المغابنة: لو كان له ذلك مجرد الغبن ما افتقر إلى الشرط وهو قوله: " لا خلابة ".
ورجح من أثبت الخيار مذهبه بما قدمناه فى حديث النهى عن تلقى الركبان؛ لأنه -