وقوله:" أحق الشروط أن يوفى به، ما استحللتم به الفروج " [" أحق " هنا بمعنى: أولى، لا بمعنى الإلزام، عند كافة العلماء وحمله بعضهم على الوجوب] (١).
قال الإمام: اختلف الناس فيمن تزوج امرأة بشرط ألا يخرجها من بلدها وما أشبه ذلك من الشروط، فقال بعض العلماء: إن ذلك يلزم للحديث المتقدم، فإن علق الشرط بطلاق وعتاق لزم ذلك عند مالك، ولا يلزم عنده إذا لم يعلق بطلاق أو عتق، بل أوقعه شرطًا مجردًا.
قال القاضى: واختلف عندنا، هل عقدُه على هذه الصفة مباح أو مكروه؟ فأجازه سحنون ابتداء، وكرهه غيره، وقال مالك: لا يحل ابتداء. وقال بعضهم: يفسخ به النكاح. وتأويل الحديث عند بعض علمائنا: أنه فيما وقع فى ذلك من شرط صداق ونحلة وجهازٍ ومؤنة، مما يدوم به الألفة، وتصلح به الصحبة، لا مما يناقض حكمها ويخالف موضوعها.
وقوله:" ما استحللتم به الفروج " مما يؤكد الوفاء بها؛ إذ لكل شرط شرطته المرأة على زوجها حق فى استحلال فرجها، وقد يحتج به من يوجب الوفاء بها ويلزمه. وقوله - عليه السلام -: " كل شرطٍ ليس فى كتاب الله فهو باطل " يرد قولهم.
ووقع فى آخر هذا الحديث قول مسلم: هذا لفظ حديث أبى بكر وابن المثنى، غير أن ابن مثنى قال:" الشروط ". كذا فى روايتنا عن شيوخنا وفى بعض النسخ " ابن نمير " فى الموضعين مكان " ابن مثنى "، ويشبه أن يكون الصحيح أحد الوجهين، فإن أول سند الحديث عن ابن نمير وابن مثنى وغيرهما.