ذكر فيه أن عائشة أرادت أن تشترى جارية تعتقها، فقال أهلها: نبيعكها على أن ولاءَها لنا، فذكرت ذلك للنبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال:" لا يمنعك ذلك، فإن الولاء لمن أعتق "، وفى الرواية الأخرى: أنها كانت مكاتبة، وذكر نحوه، وفيه:" ما بال أناس يشترطون شروطًا ليست فى كتاب الله " الحديث، قال الإمام أبو عبد الله: حديث بريرَة هذا فيه فقه كثير، والذى يحتاج إلى ذكره هاهنا الكلام فى جواز بيعها ابتداءً. وقد اختلفت أقوال العلماء فى بيع المكاتب على الجملة، فأجازه بعضهم ومنعه بعضهم، والجواز على أنه يتأدى منه المشترى لا على أنه تبطل كتابته؛ لأن هذا لم نعلم من يذهب إليه، وكذلك - أيضاً - أجاز مالك بيع كتابته خاصة ويؤدى للمشترى، فإن عجز رق له، منع من ذلك ابن أبى سلمة وربيعة، وهو مذهب أبى حنيفة والشافعى ورأوا ذلك غرراً وجهلاً بالمشترى؛ لأنه لا يدرى ما يحصل له، هل نجوم أم رقبة؟ وأجاز بعض أهل العلم بيع المكاتب للعتق لا للاستخدام، وإن رضى بالبيع وقد عجز عن الأداء لفقره وضعفه عن التكسب جاز بيعه، وإن كان ظاهر المال ففى رضاه بالعجز [قولان، فمن مكنه منه أجاز بيعه إذا رضى بالعجز والبيع، ومن منعه من ذلك لم يجز بيعه، والقولان فى المذهب عندنا، وكذلك إن لم يكن له مال ظاهر، ولكنه قادر على التكسب، وتحصيل النجوم التى تعتق بها فى رضاه بالعجز](١) اختلاف فى المذاهب.