قال هذا بعض أهل العلم. واختلف المذهب فى الشريكين إذا أعتقا وسهامهما مختلفة، ولهما شريك ثالث، هل يضمنان على التساوى لأنهما اشتركا فى الإتلاف؟ ولو انفرد كل واحد منهما فأعتق لضمن جميع نصيب شريكه، من غير أن يعتبر قلة نصيبه أو كثرته، أو يكونان يضمنان بعد أملاكهما؛ لأن كونهما مالكين نفذ لهما العتق، فلمالك إذًا مدخل فى هذا فوقعت الغرامة لعذره، وقد غلط ابن راهويه وذهب إلى أن معتق نصف الأمة لا يضمن بقيمتها؛ لأنه لم يذكر فى الحديث إلا العبد، وأنكر حذاق أهل الأصول هذا، ورأوا أن الأمة فى معنى العبد، وأن هذا لا يلتبس على أحد سمع هذا اللفظ، وقالوا: إذا كان الفرع فى معنى الأصل قطعًا صار كالمنصوص عليه.
قال القاضى: وقوله: " وإلا فقد عتق منه ما عتق ": ظاهره أنه من قول النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكذلك رواه مالك وعبيد الله العمرى، ووصلاه بالحديث من قول النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ورواه أيوب عن نافع، فقال: قال نافع: " وإلا فقد عتق منه ما عتق "، ومرة قال أيوب: لا أدرى أشىء قاله نافع أم هو من الحديث؟ ولهذا قال ابن وضاح: إنه ليس من لفظ الحديث، وما قاله مالك وعبيد الله أولى، وقد جوداه، وهما أثبت فى نافع من أيوب عند أهل هذا الشأن، فكيف وقد شك أيوب - كما تقدم - وقد رواه يحيى بن سعيد عن نافع، وقال فى هذا الموضع: ولهذا جاز ما صنع. فجاء به على المعنى، وهذا كله يرد على من رأى الاستسعاء وإكمال عتقه بكل حال؛ إذ قوله:" فقد عتق فيه ما عتق " إيجاب لما عتق منه، ونفى لما عداه.