للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الله - تعالى - فى إكمال الحرية. وإن كان للشريك مال، فهل يعتق نصيب من لم يعتق بالسراية أو بالتقويم؟ فيه اختلاف فى المذهب. وإن كان الشريك معسرًا، فهل لمن لم يعتق اتباعه بالقيمة فى ذمته وإكمال العتق عليه؟ فيه - أيضاً - قولان فى المذهب. وعند أبى حنيفة أن المعتق إن كان موسرًا كان للآخر أن يعتق نصيبه، أو يضمن شريكه، أو يستسعى العبد، وإن كان معسرًا كان لشريكه العتق والاستسعاء، وتعلق مالك فى نفى الاستسعاء، بقوله فى طريق ابن عمر: " والا فقد عتق منه ما عتق "، وظاهر هذا ينفى الاستسعاء وتعلق أبو حنيفة برواية أبى هريرة فى الاستسعاء، وقد قال بعض أصحابنا: إنها زيادة من كلام قتادة تلبس على بعض الرواة فأضافها إلى نفس الحديث، وقد ذكر ابن المنذر ما يصحح ما قاله أصحابنا، وذكر فى سند الحديث على بعض رواته قال: وكان يفتى قتادة، وذكر الاستسعاء على أنه يحتمل أن يكون معنى قوله: " يستسعى [العبد] (١) فى نصيب الذى لم يعتق "، أى يخدمه بقدر نصيبه لئلا يظن أنه يحرم عليه استخدامه، وإن كان قد وقع فى بعض الروايات فى الاستسعاء فى القيمة، وهذه الرواية تمنع هذا التأويل. وقال بعض أصحابنا: لعل الراوى نقل بالمعنى ولما سمع الاستسعاء فى النصيب عبر عنه بالقيمة على ما فهم، وهذا عندى لا يعول عليه؛ لأنه سوء ظن بالرواة، وتطريق إلى إفساد أكثر الأحاديث.

وقد قالوا - أيضًا - هم فى تأويل الحديث الذى تعلقنا به: [إن قوله] (٢): " وإلا فقد عتق منه ما عتق " إنما أراد أن العتق برد واستقر، وأن تعذر الاستكمال لا يرفع ما وقع فيه، والذى قالوه يحتمل، وإنما يبقى النظر فيما قلناه، هل هو الأظهر من المحتملات؟ والظواهر يقع بها الترجيح، ويرجح بعضها على بعض، وقد نبهنا على ما فى روايتهم من الاحتمال وما فى روايتنا، ولم يبق إلا التمسك بالأظهر. وفى غير كتاب مسلم: عن جابر أن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " من أعتق عبدًا وله فيه شركاء وله وفاء، فهو حر، ويضمن نصيب شركائه بقيمته لما أساء من مشاركتهم، وليس على العبد شىء " (٣).

وفى هذا الحديث ثلاث فوائد: العتق بالسراية؛ لقوله: " فهو حر "، والتعليل بحق الشركاء؛ لقوله: " لما سار من مشاركتهم "، ونفى السعاية؛ لقوله: " وليس على العبد شىء ". وقوله هاهنا فى رواية أبى هريرة: " قوم عليه العبد ": إشارة إلى تقويم العبد كاملاً، ويعطى قيمة نصفه بنسبة قيمة الكل إن كان قادرًا على أن يدعو شريكه لبيع جملته، فيحصل له نصف الثمن الحاصل فى الجميع، فإذا منعه من هذا ضمن له ما منعه منه، وقد


(١) ساقطة من الأصل، والمثبت من ع.
(٢) سقط من الأصل، واستدرك فى الهامش بسهم.
(٣) البيهقى فى السنن، ك العتق، ب من أعتق شركًا له فى عبد وهو موسر ١٠/ ٢٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>