للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(...) حدّثنى هَارُونُ بن عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، حَدَّثَنَا أَبِى، قَالَ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ يُحَدِّثُ بِهَذَا الإِسْنَادِ. بِمَعْنَى حَدِيثِ ابْنِ أَبِى عَرُوبَةَ، وَذَكَرَ فِى الْحَدِيثِ: قُوِّمَ عَلَيْهِ قِيمَةَ عَدلٍ.

ــ

الحديث: " وكان له مال يبلغ ثمن العبد قُوِّم عليه " إلى قوله: " وإلا فقد عتق منه ما عتق "، وهذا اللفظ ثابت من رواية مالك وغيره فى الحديث، وسقطت هذه اللفظة عند القعنبى وابن بكير فى رواية، وسقوطها عند الحفاظ وهم ممن سقطت عليه، والمعروف لكافة رواة نافع ورواة مالك عنه ثباتها وصحتها. واختلف فى قول مالك فى مراعاة العُسْرِ، هل بمجرد يوم العتق؟ أو باتصاله إلى يوم الحكم؟ وقال الكوفيون باستسعاء العبد فى حصته لشريكه (١)، وبه قال الأوزاعى وإسحاق وابن أبى ليلى، وابن شبرمة.

ثم اختلفوا فى رجوع العبد يَرُد على المعتق (٢)، فقال ابن أبى ليلى وابن شبرمة: رجع عليه، ولم ير أبو حنيفة وصاحباه الرجوع، وهو عند أبى حنيفة بحكم المكاتب مُدَّة السعاية، وعند الآخرين هو حرٌّ بالسرايا، وقال زفر: يُقوَّم على المعتق، كان معسراً أو موسراً، يؤديها فى العسر متى أيسر (٣)، وقاله بعض البصريين، وقال آخرون: إذا كان معسرًا بطل عتقه. وهذان القولان شاذان مخالفان للأقوال كلها أيضاً، وفى هذا الحجة القوية: أن من أعتق بعض عبده أنه يكمل عليه عتقه، وهل يجبر ذلك بالحكم أو بالسراية فن ذلك؟ فيه عندنا روايتان، وعلى هذا جماعة علماء أهل الحجاز والعراق دون استسعاء، إلا ما ذهب أبو حنيفة من أنه يستسعى لمولاه فى بقية القيمة، وخالفه صاحباه فى ذلك فقالوا بقول الجماعة، لكنه روى عن ربيعة وطاوُس وحماد والحسن على خلاف عنه نحو قوله، وقاله أهل الظاهر. وذكر عن الشعبى وعبيد الله بن الحسن يعتق الرجل من عبده ما شاء.

وقوله: " قيمة عدل ": يريد: لا زيادة ولا نقص.

وقوله: " عتق عليه "، وفى كتاب أبى داود: " ثم عتق عليه " (٤): حجة لقول مالك ومن وافقه إن عتقه بعد التقويم والحكم لأبى السراية.

قال الإمام: الحكم بالتقويم هاهنا لما يلحق الشريك من الضرر بعيب العتق، ولحق


(١) والولاء كله للمعتق، وهو بمنزلة الحر فى جميع أحكامه ما دام فى سعايته من يوم أعتِق، يرثُ، ويورث.
(٢) جعل ابن أبى ليلى وابن شبرمة للعبد أن يرجع على المعتق بما سعى فيه متى أيسر. راجع: الاستذكار ٢٣/ ١٢٥.
(٣) قال أبو عمر: لم يقل زفر بحديث ابن عمر ولا بحديث أبى هريرة فى هذا الباب السابق.
(٤) أبو داود، ك العتق، ب فيمن روى أنه لا يستسعى (٣٩٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>