للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(٥٠) باب رمى جمرة العقبة من بطن الوادى، وتكون مكة عن يساره، ويكبر مع كل حصاة]

٣٠٥ - (١٢٩٦) حدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَأَبُو كُرَيْبٍ، قَالا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: رَمَى عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودِ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ، مِنْ بَطْنِ الْوَادِى بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ.

ــ

وقوله: " رمى عبد الله جمرة العقبة من بطن الوادى بسبع حصيات، يكبر مع كل حصاة "، وقال: " هذا مقام الذى أنزلت عليه سورة البقرة "، وإنكاره رميها من فوق العقبة، وفى الحديث الآخر: " فاستبطن الوادى، فاستعرضها فرماها من بطن الوادى ": كله بمعنى واحد، أى وقف فى بطنه ووسطه، ومعنى: " استعرضها ": أى وقف فى عُرض الجمرة، أى جانبها، وفى الحديث الآخر: " وجعل البيت عن يساره، ومنى عن يمينه ".

رمى الجمرة من مناسك الحج، واختلف هل هى من واجباته وأركانه أم لا؟ وفى مذهبنا فيه الوجهان، وحكى الطبرى عن بعض الناس أن الجمار إنما جعل حفظاً للتكبير، ولو ترك الرمى تارك وكبر أجزأه، ونحوه عن عائشة. ورمى جمرة العقبة من حيث تَيسَّر من أعلى العقبة، أو أسفلها، أو أوسطها يجزئ، والمستحب من بطن الوادى من أسفلها، كما جاء فى الحديث: هذا كله قول كافة العلماء، أما سائر الجمرات فمن فوقها، ورميها بسبع حصيات. واختلفوا فيمن رماها بأقل، فجمهور العلماء على أن تارك ذلك دماً إذا فاته جبره أيام الرمى، وهو قول مالك والأوزاعى، وذهب الشافعى وأبو ثور إلى أن على تارك حصاةٍ مدّا من طعام وفى اثنتين مدين، وفى ثلاث فأكثر دماً وقال أبو حنيفة وصاحباه: لو ترك أقل من نصف الجمرات الثلاث ففى كل حصاة نصف صاع، وإن كان أكثر من نصفها فعليه دم. وقال مالك: إن نسى جمرةً تامةً أو الجمار كلها عليه بدنةٌ، وإن لم يجد فبقرةٌ، فإن لم يجد فشاةٌ، وقال البصريون: على ناسى الجمرة والجمرتين دم، وقال عطاء فيمن رمى بخمسٍ، ومجاهد فيمن رمى بست: لا شىء عليه. واتفقوا أن بخروج أيام التشريق يفوت الرمى إلا العقبة، إلا ما قاله أبو مصعب: إنه يرمى متى ذكر، كمن نسى صلاةً يُصلها متى ذكرها (١).

وقوله: " يكبر مع كل حصاة ": هى السنة، وبها أخذا مالك والشافعى، وبه عمل


(١) انظر: الاستذكار ١٣/ ٢٢٢ - ٢٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>