للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٢) باب من حلف باللات والعزّى، فليقل: لا إله إلا الله

٥ - (١٦٤٧) حدّثنى أَبُو الطَّاهِرِ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ. ح وَحَدَّثَنِى حَرْمَلَةُ ابْنُ يَحْيَى أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِى يُونُسُ، عَنِ ابْنٍ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِى حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ؛ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ حَلَفَ مِنْكُمْ، فَقَالَ فِى حَلِفِهِ: بِاللاتِ. فَلْيَقُلْ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهِ. وَمَنْ قَالَ لِصَاحِبِهِ: تَعَالَ أُقَامِرْكَ، فَلْيَتَصَدَّقْ ".

(...) وحدّثنى سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنِ الأَوْزَاعِىِّ. ح وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، كِلَاهُمَا

ــ

وقوله: " من حلف فقال فى حلفه: باللات والعزى، فليقل: لا إله إلا الله، ومن قال لصاحبه: تعالى أقامرك، فليتصدق "، قال الإمام - رحمه الله -: الحلف بما لا يجوز من هذا النوع لا كفارة مقدرة فيه عندنا، خلافًا لأبى حنيفة (١) فى إثبات الكفارة فى ذلك، إلا فى قوله: أنا مبتدع وأنا برىء من النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وهذا الحديث حجة عليه؛ لأنه لم يذكر فيه الكفارة. وأبو حنيفة تعلق بان الله - سبحانه - أوجب على المظاهر الكفارة، وعلل بأنه منكر من القول وزور، والحلف بهذا منكر من القول وزور. وهذا يُنتقض عليه بما استثناه من قوله: أنا برىء من النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم لا كفارة فيه عنده. ولو قال: واليهودية، لم تلزمه الكفارة باتفاق، فكذلك إذا قال: أنا يهودى إن فعلت، فلا معنى لتفريقهم بين اللفظين. فإنه إذا قال: واليهودية، فقد عظم ما لا حرمة له، وإذا قال: إن فعلت فأنا يهودى، فكأنه عظم الإسلام واحترم ما له حرمه؛ لأن الجميع لا يحسن القسم بهما.

قال القاضى - رحمه الله تعالى -: وقوله: " فليتصدق ": ولا حجة فيه للمخالف فى أنه أراد الكفارة، لأنه إنما جاء به بعد ذكر المقامرة على خصوص التكفير لها لا لغيرها، كما خص الحلف باللات والعزى بكفارة قوله لا إله إلا الله. ولو كان المراد بالصدقة كفارة اليمين لجاءت عنهما جميعاً ولم يختص بالمقامرة. قال الخطابى: معناه: فليتصدق بمقدار ما أراد أن يقامر به (٢). وعندى أنه لا يختص بهذا، بل لما نوى بذل مال فى غير طريق جائز وإخراجه من يده واعتقد ذلك، كان كفارة اعتقاده ونيته أن يتصدق بمال يخرجه عن يده فى طريق البر ومسالك الشرع، كما أمره أن يقول لا إله إلا الله تكفيرًا؛ لتعظيمه


(١) انظر: الحاوى ١٥/ ٢٦٣.
(٢) معالم السنن ٤/ ٣٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>