للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(١٠) باب صحة الإقرار بالقتل وتمكين ولىّ القتيل من القصاص، واستحباب طلب العفو منه

٣٢ - (١٦٨٠) حدّثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِىُّ، حَدَّثَنَا أَبِى، حَدَّثَنَا أَبُو يُونُسَ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ؛ أَنَّ عَلْقَمَةَ بْنَ وَائِلٍ حَدَّثَهُ؛ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ قَالَ: إِنِّى لَقَاعِدٌ مَعَ النَّبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ جَاءَ رَجُلٌ يَقُودُ آخَرَ بِنِسْعَةٍ. فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ هَذَا قَتَلَ أَخِى. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَقَتَلْتَهُ؟ " - فَقَال: إِنَّهُ لَوْ لَمْ يَعْتَرِفْ أَقَمْتُ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ - قَالَ: نَعَمْ قَتَلْتُهُ. قَال: " كَيْفَ قَتَلْتَهُ؟ ". قَالَ: كُنْتُ أَنَا وَهُوَ نَخْتَبطُ مِنْ شَجَرَةٍ، فَسَبَّنِى فَأَغْضَبَنِى، فَضَرَبْتُهُ بِالْفَأْسِ عَلَى قَرْنِهِ فَقَتَلْتُهُ. فَقَالَ لَهُ النَّبِىُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " هَلْ لَكَ مِنْ شَىْءٍ تُؤَدِّيهِ عَنْ نَفْسِكَ؟ ". قَالَ: مَالِى مَالٌ

ــ

قوله فى الذى جاء يقود آخر بنسعةٍ، فقال: " هَذا قتل أَخى ". النسعة: ما ضفر من الأديم كالحبال، فإذا فتل ولم تضفر فليس بنسعة. فيه العنف على الجناة وتثقيفهم وأخذ الناس لهم حتى يحضروا بين يدى الولاة، إذ لو لم يجعل للناس هذا لفَرُّوا وفاتوا، فَليَدِ الناس فى أخذهم سلطان عليهم؛ لأنه من المعاونة لأولياء القتيل والمجنى عليه، ومن نصرة المظلوم، وتغيير المنكر. وقد أمر الله - سبحانه - بذلك كله.

وقول النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ له: " أقتلته؟ " فقال: إنه لو لم يعترف أقمت عليه البينة: فيه ترتيب القضاء فى الاستقرارات أولاً للمدعى عليه قبل تكليف الطالب البينة، لعل المطلوب يقر فيكتفى عن التعب فى إحضار البينة، وليكون الحكم أجلى باليقين باعتراف منه بغلبة الظن بالبينة، وفيه سؤال الحاكم ولى القتيل العفو عن الجانى بعد بلوغ الإمام، وجواز أخذ الدية فى العمد.

وقول القاتل:" نعم قتلته. قال: كيف قتلته؟ قال: كنت أنا وهو نختبط من شجرة فسبنى فأغضبنى فضربته ": قالوا: ينبنى على قوله: " فقتلته " معنى " يختبط " أى يجمع الخبط وهو ورق السمر، وهو خبط شجرة بالعظم ليسقط ورقها فيجمع، ويعلقه الإبل والماشية. وقرن الرأس: جانبه. فيه تقرير المسجون والمحبوس، وأن اعترافه لازم له. وقال: اختلف العلماء فى ذلك. واضطرب المذهب عندنا فى إقراره بعد الحبس والتهديد، هل يقبل حمله أو لا يقبل حمله والفرق، فيقبل إذا عنى ما اعترف به من قتل أو سرقة، ولا يقبل إذا لم يبين.

وقول النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ له: " هل لك من شىء تؤديه؟ " فيه الترغيب فى العفو وأخذ الدية كما فعل فى غير نازلة، فلما لم يكن عنده ولا رجى ذلك من قومه دفعه إلى ولى المقتول،

<<  <  ج: ص:  >  >>