للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(١٥) باب السواك]

٤٢ - (٢٥٢) حدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَعَمْرٌو النَّاقِدُ وَزُهَيْرِ بْنُ حَرْبٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ قَالَ: " لَوْلا أَنْ أَشُقَّ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ - وَفِى حَدِيثِ زُهَيْرٍ: عَلَى أُمَّتِى - لأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلاةٍ ".

٤٣ - (٢٥٣) حدّثنا أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاءِ، حَدَّثَنَا ابْنُ بِشْرٍ عَنْ مسْعَرٍ، عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ شُرَيْحٍ، عَنْ أَبِيهِ؛ قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ، قُلْتُ: بِأىِّ شَىْءٍ كَانَ يَبْدَأُ النَّبِىُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ بَيْتَهُ؟ قَالَتْ: بِالسِّوَاكِ.

٤٤ - (...) وحدّثنى أَبُو بَكْرِ بْنُ نَافِعٍ الْعَبْدِىُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ شُرَيْحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ؛ أَنَّ النَّبِىَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا دَخَلَ بَيْتَهُ بَدَأ بِالسِّوَاكِ.

ــ

قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لولا أن أشق على أمتى لأمرتُهم بالسِّواك ": لا خلاف أنه مشروعٌ عند الوضوء والصلاة، مستحبٌ فيهما، وأنهُ غيرُ واجبٍ، لنصه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أنه لم يأمر به، إِلَّا ما ذكر عن داود أنه واجب بظاهر قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " عليكم بالسواك "، وقوله: "استاكوا " (١) وهذا الحديث يفسرُ بظاهره. وفيه دليل لمن يرى أن أمره صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على الوجوب، وهو قول أكثر الفقهاء وبعض المتكلمين، إذ المشقة إنما تلحق بالواجبات، وأنه لو أمر لوجَبَ امتثال أمره فشق ذلك على المسلمين، فلذلك لم يأمر. وفيه حجةً لمن يرى المندوُب غير مأمور به، وهى مسألة اختلف فيها أصحاب الأصول من شيوخنا وغيرهم (٢)، وفيه حجةً لمن قال من العلماء بجواز اجتهاد النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى الأحكام وشرعها باجتهاده على ظاهر


(١) وكذا إسحاق بن راهويه. انظر: عون المعبود ١/ ٧٣.
(٢) ذهب الآمدى إلى أن المندوب مأمور به، وإلا كان كالمباح بلا فرق بينهما، وعلى ذلك فالمندوب عنده يثاب فاعله، واسمه يدل على ندب الشارع له ١/ ١٦٣.
قلت: ويفرق بينه وبين الأمر أن طلب الشارع لفعل المندوب طلبٌ غيرُ لازم، وقد ذهب الشاطبى إلى أن كل مندوب ثبت أنه مندوب بسنة مأثورة عن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعتبر خادمًا للواجب أو حمى له أو ذريعةً للمداومة عليه. راجع: الموافقات ١/ ١٥١، أصول الفقه: ٣٢.
وأدق ما وقفت عليه له ما ذهب إليه الشاطبى من أن المندوب غيرُ لازم بالجزء، ولكنه لازم بالكل، فصلاة العيدين والجماعة وصدقة التطوع، والنكاح والوتر. والعمرة مثلاً مندوب إليها بالجزء، ولو فرض تركها جملة جرح التارك لها. قال: إذا كان الفعل مندوبًا بالجزء كان واجبًا بالكل. الموافقات ١/ ١٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>