للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(١) باب تحريم اللعب بالنردشير]

١٠ - (٢٢٦٠) حدّثنى زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِىٍّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةً، عَنْ أَبِيهِ؛ أَنَّ النَّبِىَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدَشِيرِ، فَكَأَنَّمَا صَبَغَ يَدَهُ فِى لَحْمِ خِنْزِيرٍ وَدَمِهِ ".

ــ

وقوله: " من لعب بالنردشير فكأنما صبغ يده فى لحم خنزير ودمه "، قال الإمام: مالك ينهى عن اللعب بالنرد والشطرنج، ويرى الشطرنج شراً من النرد وألهى منها (١)، وهذا الحجة حجة له، فإن كان ورد فى النردشير قيست الشطرنج عليها، لاشتراكهما فى كونهما شاغلين عما يفيد فى الدين والدنيا، موقعين فى القمار [أو التشاجر الحادث فيهما عند التغالب، مع كونهما غير مقتدين] (٢)، وقد نبه مالك على هذا بقوله: الشطرنج ألهى، وينهى عن اللعب القليل والكثير بقمار أو غير قمار؛ لأن القليل يوقع فى الكثير، واللاعب - وإن ترك القمار - قد يقع فى القمار، لكن رد الشهادة لا يكون بركوب كل محرم أو مكروه، بأن كان لاعب [الشطرنج] (٣) فأمر عليها ردت شهادته، وإن قل فعله لذلك. وقال أبو حنيفة: إن كانت محاسنه أكثر من مساوئه واجتنب الكبائر جازت شهادته على الجملة (٤).

والقمار إذا كان محرمًا، أو تحريمه مشتهراً، أو يؤذن ركوبه لسقوط المروءة، فلا معنى لقبول الشهادة، وإن لم يقامر عليها، فمالك يشترط فى رد شهادة الإدمان عليها. وفسر بعض أصحابه الإدمان بلعبها مرة فى السنة، وهذا تعسف وبعيد من لفظ مالك. وراعى بعض أصحابنا فى رد الشهادة بانقطاعه بلعبها عن صلاة الجماعة. وراعى بعضهم الحالة التى يقع اللعب عليها، فإن أذنت لسقوط المروءة كلعب المتصون الملحوظ بعين الجلالة مع سفلة الناس معلناً بذلك، سقطت الشهادة. وإن كان مستتراً بها ملاعباً لأمثاله من أهل الصون فى بعض الأحايين لم ترد الشهادة به.

وراعى بعض الأصوليين القصد باللعب، فإن كان لتسلية النفس وشغلها عن هموم لزمتها، أو تجويد القريحة وشحذ الذهن الكال لم تسقط الشهادة، بل يميل هؤلاء إلى الجواز


(١) الموطأ ٢/ ٩٥٨ وانظر: المدونة ٥/ ١٥٣.
(٢) سقط من ح، والمثبت من الأصل.
(٣) فى الأصل: الشهادة.
(٤) الهداية ٣/ ١٢٣، بدائع الصنائع ٦/ ٢٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>