وقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لمعاذ وأبى موسى حين بعثهما إلى اليمن:" يسرا ولا تعسرا، وبشرا ولا تنفرا، وتطاوعا ولا تختلفا ": فيه ما يجب الاقتداء به من التيسير فى الأمور، والرفق بالنَّاس، وتحبيب الإيمان إليهم، وترك الشدة والتنفير لقلوبهم، لا سيما فيمن كان قريب العهد به.
وكذلك يجب فيمن قارب حد التكليف من الأطفال ولم يتمكن رسوخ الأعمال فى قلبه ولا التمرن عليها، ألا يشدد عليه ابتداء؛ لئلا ينفر عن عمل الطاعات.
نعم، وكذلك يجب للإنسان فى نفسه فى تدريبها على الأعمال إذا صدقت إرادته ألا يبتدئها أولاً إلا بتدريج وتيسير، حتى إذا أنست بحاله ودامت عليها، ينقلها لحال آخر، وزاد عليها فى عمل أكثر من الأول، حتى يرى قدر احتمالها، ولا يكلفها ما لعلها تعجز عنه ولا يدوم عليه، فقد ذم هذا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وحض على الأحسن؛ لقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" كلفوهم من العمل ما تطيقون، فإن الله لا يمل حتى تملوا "(١) وقد تقدم الكلام عليه.
(١) البخارى، ك الإيمان، ب أحب الدين إلى الله أدومه ١/ ١٧، مسلم، ك صلاة المسافرين وقصرها، ب فضيلة العمل الدائم من قيام الليل وغيره ١/ ٥٤٠ (٢١٥).