للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(١٤) باب استحباب ركعتى سنة الفجر، والحث عليهما وتخفيفهما والمحافظة عليهما وبيان ما يستحب أن يقرأ فيهما]

ــ

قال القاضى: وذكر صلاة النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ركعتى الفجر، وأنه لم يكن على شىء من النوافل أشد معاهدة منه عليها [كما] (١) استدل به من قال: إنها سنة، وهو قول كافة العلماء وكبراء أصحاب مالك، [وروى عن بعضهم أنها من الرغائب وحكوه عن مالك] (٢) واحتجَّ بعضهم على ذلك بقوله: من النوافل، ولم يقل: من السنن، لكن كل ما عدا الفرائض ينطلق عليه النفل، والتطوع، والندب، ثم تتنوع درجاته ما بين سنة وفضيلة ومستحب ومرغب فيه، وسنذكره مبيناً إن شاء الله. وقد مضى منه وذهب الحسن إلى وجوبها (٣) وما روى من صلاة النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لهما يوم الوادى قبل صلاة الصبح يدل على تأكيد أمرهما، وقد جاء فى الحديث أنهما المراد بقوله: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُود} (٤) ومن سنتهما التخفيف كما جاء فى الحديث، والقراءة فيهما [سراً] (٥) لقولها: " حتى إنِّى لأقولُ أقرأ فيهما بأم القرآن أم لا؟ " (٦) وهو قول كافة العلماء، وذهب بعضُهم إلى الجهر بها، وفى هذا دليلٌ أنه كان مستقراً عندهم أن لابد من قراءة أم القرآن فى الصلاة ولذلك خُصَّت هاهنا بالذكر وأنها لا تُصلى إلا بعد الفجر إلى أن يُصلى الصبح، وهو وقتها المختص بها من دون سائر النوافل على الاختيار دون الاضطرار عندنا وظاهر حديث


(١) من ق، س.
(٢) سقط من الأصل، واستدرك بهامشه.
قال ابن عبد البر: واختلف العلماء فى الأوكد منهما - ركعتى الفجر أم صلاة الوتر - فقالت طائفة: الوتر أوكد، وكلاهما سنة، ومن أصحابنا من يقول: ركعتا الفجر ليستا بسنة، وهما من الرغائب، والوتر سنة مؤكدة، وقال آخرون: ركعتا الفجر سنة مؤكدة كالوتر، وقال آخرون: هما أوكد من الوتر؛ لأن الوتر ليس بسنة إلا على أهل القرآن. ثم قال: إن ركعتى الفجر فاتتا عبد الله بن أبى ربيعة فأعتق رقبة. التمهيد ٨/ ١٢٧. وفيمن قال إنها من الرغائب قال: وهذا قول ضعيف. التمهيد ١٥/ ٣١١.
(٣) وقد أخرج عبد الرزاق فى مصنفه بإسناده إليه: " صلِّ بعد طلوع الفجر ما شئت " ٣/ ٥٣.
(٤) ق: ٤٠. ولعل القاضى يعنى هنا ما أخرجه ابن أبى حاتم بإسناده عن ابن عباس قال: بتُّ ليلةً عند رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فصلى ركعتين خفيفتين، اللتين قبل الفجر، ثم خرج إلى الصلاة فقال: " يا ابن عباس، ركعتين قبل صلاة الفجر إدبار النجوم، وركعتين بعد المغرب إدبار السجود ".
قال الحافظ ابن كثير: ورواه الترمذى عن أبى هشام الرفاعى، وقال غريب، لا نعرفه من هذا الوجه ٨/ ٣٨٨، ولم أقف عليه بالترمذى.
(٥) من س، وفى الأصل هذّا، والأول أصوب، لقوله بعدها: وذهب بعضهم إلى الجهر بها والهذَّ والهذَذُ: سرعة القطع وسرعة القراءة.
(٦) لفظها فى المطبوعة: حتى إنى أقولُ

<<  <  ج: ص:  >  >>