وذكر حديث أبى شعيب وأنه كان له غلام لحّام - أى يبيع اللحم - وأنه دعى النبى خامس خمسة واتبعهم رجل، وقول النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ له:" إن شئت أن تأذن له، وإن شئت رجع " قال: بل آذن له، وفى الحديث الآخر فى الفارسى الطيب المرق، إذ جاءه يدعوه، فقال النبى:" وهذه "، تعنى عائشة، فقال: لا، فقال النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" لا "، ثم قال فى الثانية: نعم، قال الإمام: ذكرها هنا أنه استأذن صاحب المحل، وذكر فى حديث أبى طلحة أنه قال لمن معه:" قوموا " - وهم سبعون أو ثمانون - ولم يستأذن، وعن هذا ثلاثة أجوبة:
أحدها: أن يقال: علم من أبى طلحة رضاه بذلك فلم يستأذن، ولم يعلم رضا أبى شعيب فاستأذنه.
والجواب الثانى: أن أكل القوم عند أبى طلحة إنما خرق به العادة لنبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وبركة أحدثها - سبحانه وتعالى - لا ملك لأبى طلحة عليها، إنما أطعمهم مما لم يملكه فلم يفتقر إلى استئذانه.
والجواب الثالث: أن يقال: فإن الأقراص جاء بها النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مسجده ليأخذها منه، فكأنه قبلها وصارت ملكاً له، فإنما استدعى لطعام ملكه، فلا يلزمه أن يستأذن فى ملكه.
قال القاضى: فيه جواز [صناعة](١) الجزارة وأكل مال الجزار، وجواز اتخاذ الأمراق