للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(٤٥) باب غزوة ذى قرد وغيرها]

١٣١ - (١٨٠٦) حدَّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا حَاتِمٌ - يَعْنِى ابْنَ إِسْمَاعِيلَ - عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى عُبَيْد قَالَ: سَمِعْتُ سَلَمَةَ بْنَ الأَكْوَعِ يَقُولُ: خَرَجْتُ قَبْلَ أَنْ يُؤَذَّنَ بِالأُولَى، وَكَانَتْ لِقَاحُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرْعَى بِذِى قَرَدٍ. قَالَ: فَلَقِيَنِى غُلامٌ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْف فَقَالَ: أُخِذَتْ لِقَاحُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقُلْتُ: مَنْ أَخَذَها؟ قَال: غَطَفَانُ. قَالَ: فَصَرَخْتُ ثَلاثَ صَرَخَاتٍ: يَا صَبَاحَاهْ. قَالَ: فَأَسْمَعْتُ مَا بَيْنَ لابَتَىِ المَدِينَةِ، ثُمَّ انْدَفَعْتُ عَلَى وَجْهِى حَتَّى أَدْرَكْتُهُمْ بِذِى قَرَدٍ، وَقَدْ أَخَذُوا يَسْقُونَ مِنَ الْمَاءِ، فَجَعَلْتُ أَرْمِيهِمْ بِنَبْلِى - وَكُنْتُ رَامِيًا - وَأَقُولُ:

أَنَا ابْنُ الأَكْوَعِ ... وَالْيَوْمَ يَوْمُ الرُّضَّعِ

ــ

وفى قول سلمة: " صرخت ثلاث صرخات: يا صباحاه ": جواز قول هذا لإنذار الناس وإشعارهم بالعدو.

وقوله: فجعلت أرميهم وأقول:

أَنَا ابن الأكوع .. ز واليوم يوم الرضع

فيه جواز مثل هذا عند الرمى والطعن وتعريف الإنسان مثله (١) فى الحرب. وقد مضى فى هذا وفعله السلف، وكذلك الإعلام بعلامة يميز بها فى الحرب. وكرهه آخرون فى الاعلام لإخفاء أعمال البر. وقد روى من فعل ذلك عن الصحابة - رضى الله عنهم - ما لا يخفى.

وقوله: " واليوم يوم الرضع "، قال الإمام: معناه: يوم هلاك اللئام، من قولهم: لئيم راضع. ومعنى " لئيم راضع ": أى رضع اللؤم فى ثدى (٢) أمه، وقيل: إنه يمتص الدر حتى لا يسمع اللبن وقع فى الحلاب فيسيل (٣).

قال القاضى: وهذا أكثر ما قيل فيه وأظهره، وقيل: لأنه يرتضع طرف الخلالة التى يتخلل بها بعد طعامه، ويمص ما بقى فيها، وقيل: معناه: اليوم يعرف من رضع كريمه فأنجبته أو لئيمة فهجنته، وقيل: اليوم يعلم من أرضعته الحرب من صغره ويظهر.


(١) فى الأبى: بنفسه.
(٢) فى س: بطن.
(٣) هكذا فى الأصل، وفى ع: فيُستقرى.

<<  <  ج: ص:  >  >>