للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأَرْتَجِزُ. حَتَّى اسْتَنْقَذْتُ اللِّقَاحَ مِنْهُمْ، وَاسْتَلَبْتُ مِنْهُمْ ثَلاثِينَ بُرْدَةً. قَالَ: وَجَاءَ النَّبِىُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّاسُ. فَقُلْتُ: يا نَبِىَّ اللهِ، إِنِّى قَدْ حَمَيْتُ الْقَوْمَ الْمَاءَ، وَهُمْ عِطَاشٌ، فَابْعَثْ إِلَيْهِمُ السَّاعَةَ. فَقَالَ: " يَا ابْنَ الأَكْوَعِ، مَلَكْتَ فَاسْجِحْ ". قَالَ: ثُمَّ رَجَعْنَا، وَيُرْدِفُنِى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى نَاقَتِهِ حَتَّى دَخَلْنَا الْمَدِينَةَ.

١٣٢ - (١٨٠٧) حدَّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ. ح وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِىُّ، كِلاهُمَا عَنْ عِكْرِمَةَ بنِ عَمَّار. ح وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِىُّ، وَهَذَا حَدِيثُهُ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِىٍّ الحَنفِىُّ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ. حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ - وَهُوَ ابْنُ عَمَّارٍ - حَدَّثَنِى إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ، حَدَّثَنِى أَبِى قَالَ: قَدِمْنَا الْحُدَيْبِيَةَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَنَحْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مَائَةً، وَعَلَيْهَا خَمْسُونَ شَاةً لا تُرْويهَا. قَالَ: فَقَعَدَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى جَبَا الرَّكَيَّةِ، فَإِمَّا دَعَا وِإمَّا بَسَقَ فِيهَا. قَالَ: فَجَاشَتْ، فَسَقَيْنَا وَاسْتَقَيْنَا. قَالَ: ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَانَا لِلْبَيْعَةِ فِى أَصْلِ الشَّجَرَةِ. قَالَ: فَبَايَعْتُهُ أَوَّلَ النَّاسِ، ثُمَّ بَايَعَ وَبايَعَ، حَتَّى إِذَا كَانَ فِى وَسَطٍ مِنَ النَّاسِ قَالَ: " بَايِعْ يَا سَلَمَةُ ". قَالَ:

ــ

وقوله: " حميت القوم الماء " أى منعتهم، ومنه: حمية المريض: منعه أكل ما يضره.

وقول النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ له: " ملكت فاسجح ": أى أحسم وارفق. والسجاحة: السهولة، أى لا تأخذ بالشدة وتتبعها، فربما كانت العاقبة، والحرب، سجال، وقيل: لعله طمع فى إسلامهم فلم يرد استئصالهم.

وقوله فى الحديث الآخر: " قدمنا الحديبية ونحن أربع عشرة مائة، وعليها خمسون شاة لا ترويها، فقعد النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على جَبَا الرّكية " بفتح الجيم والباء بواحدة مقصور، كذا رواية الكافة، وهو المعروف فى الحديث. والجبى ما حول البئر. والركية: البئر، والأشهر فيها الركى بغير هاء، وحكى بعضهم عن الأصمعى: الركية: البئر، وجمعه ركى. وفى رواية العذرى: " جب الركية ". الجب: البئر، ليست ببعيدة العقر، وليس هذا موضعه.

وقوله: " فإما دعى فيها وإما بسق، فجاشت فسقينا واستقينا ": أى فاضت. وهذا من آياته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعظيم معجزاته، وهذا باب منقول منها بالتواتر من تكثير قليل الماء فى مواطن عدة.

قال الإِمام: وقوله: " فجاشت ": معناه: ارتفعت، يقال: جاش البئر: إذا ارتفع، يجيش جيشاناً، قال الشاعر:

<<  <  ج: ص:  >  >>