للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْتُ: قَدْ بَايَعْتُكَ يَا رَسُولَ اللهِ فِى أَوَّلِ النَّاسِ. قَالَ: " وَأَيْضًا " - قَالَ: وَرآنِى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَزِلا - يَعْنِى لَيْسَ مَعَهُ سِلاحٌ - قَالَ: فَأَعْطَانِى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَجَفَةً أَوْ دَرَقَةً، ثُمَّ بَايَعَ حَتَّى إذَا كَانَ فِى آخِرِ النَّاسِ قَالَ: " أَلا تُبَايِعُنِى يَا سَلَمَةُ؟ ". قَالَ: قلْتُ: قَدْ بَايَعْتُكَ يَا رسُولَ اللهِ فِى أَوَّلِ النَّاسِ، وَفِى أَوْسَطِ النَّاسِ. قَالَ: " وَأَيْضًا ". قَالَ فَبَايَعْتُهُ الثَّالِثَةَ. ثُمَّ قَالَ لِى: " يَا سَلَمَةُ، أَيْنَ حَجَفَتُكَ أَوْ دَرَقَتُكَ الَّتِى أَعْطَيْتُكَ؟ ". قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَقيَنِى عَمِّى عَامِرٌ عَزِلا. فَأَعْطَيْتُهُ إِيَاهَا. قَالَ: فَضَحِكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ: " إِنَّكَ كَالَّذِى قَالَ الأَوَّلُ: اللَّهُمَ أَبْغِنِى حَبِيبًا هُوَ أَحَبُ إِلَىَّ مِنْ نَفْسِى ". ثُمَّ إِنَّ الْمُشْرِكينَ رَاسَلُونَا الصُّلْحَ، حَتَّى مَشَى بَعْضُنَا فِى بَعْضِ، وَاصْطَلَحْنَا. قَالَ: وَكُنْتُ تَبِيعًا لِطَلْحَةَ بنِ عُبَيْدِ اللهِ، أَسْقِى فَرَسَهُ، وَأَحُسُّهُ، وَأَخْدِمُهُ، وآكُلُ مِنْ طَعَامِهِ، وَتَرَكْتُ أَهْلِىَ وَمَالِى،

ــ

وقوله: " رآنى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عزلا "، قال القاضى: كذا رويناه هنا، وفسره فى الأم: يعنى ليس معه صلاح، بفتح العين وكسر الزاى، وفى الحرف الذى بعده كذلك. قال بعضهم: وصوابه: أعزل، ولا يقال: عزل. ورويناه فى غير مسلم: " عُزل بضمها، وكذلك ضبطناه على شيخنا أبى الحسن، وكذا قيده بعضهم، وكذا ذكره الهروى.

قال الإمام: كما يقال: ناقة غلظ، وجمل فنق، والجمع أعزال. كما يقال: جنب وأجناب، وماء سدم ومياه أسدام.

قال القاضى: هذا نص ما ذكره الهروى، وأنشد [...] (١).

رأيت الفتية الأعزال ... مثل الأنيق الرعد

قال: ورجل أعز مثله. والحجفة: الترس.

وقوله: "أبغنى حبيبا": أى أعطنى بغى طلب. وأبغيته: أتيته ما طلب وأعنته عليه.

وقوله: " ثم إن المشركين راسُّونا الصلح ": كذا رويناه بضم السين مشددة على الخشنى عن الطبرى، وسمعناه من أبى بحر من غير طريق العذرى بفتح السين، ورويناه من طريق العذرى: " راسلونا، بزيادة لام بإسقاطه، صحيح بمعناه. يقال: رسى الحديث يرسه: إذا ابتداه، ورسست بين القوم: أصلحت بينهم.

وقوله: " وكنت تبيعاً لطلحة " أى خديماً له أتبعه.


(١) بياض بالأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>