قوله: إن أبى مات وترك مالاً ولم يوص، أفيكفر عنه أن أتصدق عنه؟ قال:" نعم " وفى حديث عائشة - رضى الله عنها -: " إن أمى افتتلت نفسها ... فلى أجر أن أتصدق عنها؟ " وفى الرواية الأخرى: أفلها أجر أن أتصدق عنها؟ قال:" نعم "، قال القاضى - رحمه الله -: فيه جواز النيابة فى الطاعة فى الأموال، وصدقة الحى عن الميت، والناس بعضهم عن بعض، وهذا مما أجمع المسلمون على جوازه واستحبابه. ومعنى " أيكفر عنه ": أى من السيئات. ومعنى " لها أجر ": أى لها حسنات بصدقتى عنها. وقد يكون انتفاع المتصدق عنه بذلك وإن لم يكن له فيه نية أن المتصدق وهبه أجرة فيه، وقيل: قد يوحى الميت والحى بما لم يكتسبه ولا نواه، كما يؤجر بغيبة غيره له وإن لم يعلم به. وإن هذه الأحاديث خاصة لعموم قوله تعالى:{وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى}(١).
وقوله:" افتتلت نفسها ": رويناه بضم السين على ما لم يسم فاعله، وبفتحها على المفعول الثانى. ومعنى ذلك: ماتت فجأة. والفلتة والافتلات: ما كان بغتة وعن عجلة بغير قصد ولا روية.
وقوله:" وأظنها لو تكلمت تصدقت ": إما لما علم من حرصها على فعل الخير، أو لما علم من قصدها ونيتها فى الوصية. ويدل حرصها عليه ما فى حديث أم سعد من رواية مالك: أنها لما قيل لها: أوصى، قالت: إنما المال لسعد. فتوفيت قبل قدوم سعد.
وإذن النبى - عليه السلام - لها فى الصدقة عنها، دليل على جواز ذلك، ولا خلاف