للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٣٥) باب علمه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالله تعالى وشدة خشيته

١٢٧ - (٢٣٥٦) حدّثنا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِى الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ. قَالَتْ: صَنَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْرًا فَتَرَخَّصَ فِيهِ، فَبَلغَ ذَلِكَ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِهِ، فَكَأَنَّهُمْ كَرِهُوهُ وَتَنَزَّهُوا عَنْهُ، فَبَلَغَهُ ذَلِكَ، فَقَام خَطِيبًا فَقَالَ: " مَا بَالُ رِجَالٍ بَلْغَهُمْ عَنِّى أَمْرٌ تَرَخَّصْتُ فِيهِ، فَكَرِهُوهُ وَتَنَزَّهُوا عَنْهُ، فَوَاللهِ لأَنَا أَعْلَمُهُمْ بِاللهِ وَأَشَدُّهُمْ لَهُ خَشْيَةً ".

(...) حدّثنا أَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ، حَدَّثَنَا حَفْصٌ - يَعْنِى ابْنَ غِيَاثٍ. ح وَحَدَّثَنَاهُ إِسْحَاقُ ابْنُ إِبْرَاهِيمَ وَعَلَىُّ بْنُ خَشْرَمٍ قَالاَ: أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، كِلاهُمَا عَنِ الأَعْمَشِ، بِإِسْنَادِ

ــ

وقوله: صنع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمرًا فترخص فيه، فتنزه عنه ناس، فبلغه ذلك، فغضب حتى بان الغضب فى وجهه، وقام خطيبًا فقال: " ما بال أقوام بلغهم عنى أنى [قد] (١) ترخصت فى أمر فكرهوه وتنزهوا عنه، فوالله لأنا أعلمهم بالله وأشدهم له خشية " وفى الرواية الأخرى: " عما رخص لى فيه " هذا من تعريضه - عليه السلام - وأنه كان لا يؤاخذ الناس بالكتاب إنما يقول: " ما بال أقوام " و " ما بال الناس "، وكان هذا من حسن معاشرته - عليه السلام - ورفقه بأمته ومحبته - عليه السلام - أن يؤتى بالرخص ويستن به فى ذلك. وقد جاء: " أن الله يحب أن يؤتى رخصه كما يجب أن يؤتى عزائمه " (٢).

وفيه النهى عن التنطع فى الدين، والأخذ بالشدائد فى جميع الأمور؛ فإن الدين يسر، والشريعة حنيفة سمحة، وذكر الإنسان نفسه بالخير، وثناؤه على نفسه إذا احتيج إلى ذلك، وكانت فيه منفعة لغيره ولم يقصد به الكبر والفخر.

وقولهم فى الحديث الآخر: " لسنا نهتبل " حرص منهم على التزيد فى الخير.

وفيه أن على التائب والصالح من التقوى والخيبر والخشية مثل [ما على] (٣) المذنب، قال الله تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} (٤) وقال - عليه السلام -: " أفلا


(١) زائدة فى ح.
(٢) الطبرانى فى الكبير ١١/ ٣٢٣ (١١٨٨٠)، وذكره الهيثمى فى مجمع الزوائد، ك الصيام، ب الصيام فى السفر ٣/ ١٦٥ وقال: " رواه الطبرانى فى الكبير والبزار ورجال البزار ثقات وكذلك رجال الطبرانى ".
(٣) فى ح: ما عمل.
(٤) فاطر: ٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>